الوظيفة المزدوجة

الوظيفة المزدوجة

الازدواجية الوظيفية هي تولِّي الموظف لوظيفتين، أو أكثر في نفس الوقت، سواء داخل نفس المنظَّمة، أو بين منظَّمتين مختلفتين، وقد تبدو هذه الظاهرة -في ظاهرها- فرصة لتحسين الدخل، أو تنويع الخبرات، لكنَّها تحمل في طياتها مشكلات جوهريَّة تؤثِّر على جودة العمل، والالتزام، والإنتاجيَّة. ولعلَّ من أهم أسباب الازدواجيَّة الوظيفيَّة:

– الحاجة الماليَّة، غالبًا ما يلجأ الموظَّفون إلى العمل في أكثر من وظيفة؛ بسبب ضعف الرواتب في وظيفتهم الأساسيَّة، أو ارتفاع التكاليف المعيشيَّة؛ ممَّا يدفعهم للبحث عن مصادر دخل إضافيَّة.

– تعدُّد المهارات والرَّغبة في التطوير، بعض الموظَّفين يعتقدُون أنَّ تنوُّع الوظائف يطوِّر مهاراتهم، ويوسِّع خبراتهم، خاصَّةً إذا كانت الوظائف متصلةً أو مكملةً لبعضها.

– غياب الرقابة التنظيميَّة، هناك في بعض المنظَّمات، لا يوجد نظام صارم يمنع الازدواجيَّة الوظيفيَّة، أو يمنع تضارب المصالح؛ ممَّا يسهِّل على الموظَّف العمل بوظيفتين.

– الثقافة المؤسسيَّة، في بيئات عمل غير منظَّمة، أو فيها ضعف في القوانين الداخليَّة، قد يُعتبر العمل المزدوج أمرًا مقبولًا، أو حتَّى محبَّذًا.

أمَّا عن التأثيرات السلبيَّة للازدواجيَّة الوظيفيَّة، فهي غالبًا ما تسبِّب أضرارًا واضحةً على الأفراد والمؤسَّسات:

– تراجع جودة الأداء، فتعدُّد الوظائف يوزِّع وقت وجهد الموظَّف؛ ممَّا يؤدِّي إلى إجهاد ذهنيٍّ وجسديٍّ، وينعكس بالسلب على تركيزه وأدائه في كل وظيفة.

– تضارب المصالح، خاصَّةً في حال كان العملان في منظَّمتين متنافرتين، أو في مجالات متقاربة، قد يحدث تضارب في الأولويَّات، أو كشف معلومات سريَّة.

– زيادة الغياب والتأخُّر، فالموظَّف المنشغل بوظيفتين قد يجد صعوبة في الالتزام بمواعيد العمل؛ ممَّا يؤثِّر على انتظامه وحضوره.

– الإرهاق والتوتر النفسي، حيث إنَّ تحمُّل أعباء وظيفتين متزامنتين، يرفع من مستوى التوتر والإجهاد؛ ممَّا قد يؤدِّي إلى مشكلات صحيَّة على المدى البعيد.

– تأثير سلبي على بيئة العمل، فضعف تركيز الموظَّف وغيابه المستمر، يضع ضغطًا إضافيًّا على زملائه، ويضر بالانسجام والتعاون داخل الفريق.

في كثير من الدول، الازدواجيَّة الوظيفيَّة تخضع لتنظيماتٍ صارمةٍ، حيث تمنع بعض القوانين العمل بأكثر من وظيفة رسميَّة، لتجنُّب تضارب المصالح، وضمان التفاني في العمل، كما أنَّ المنظَّمات الكُبْرى عادة ما تضع سياسات واضحة تحدِّد شروط العمل المزدوج، ومن ضمنها الموافقة المسبقة من الإدارة، وتحديد حدود زمنيَّة، وعدم الالتزام بهذه القوانين قد يؤدِّي إلى إجراءات تأديبيَّة، تصل في بعض الحالات إلى الفصل من الوظيفة.

إذا كان الموظف يفكر في العمل بوظيفتين، يجب عليه أنْ يدرس الأمر بموضوعية، من خلال تقييم مدى تأثير الوظيفة الثانية على أدائه وصحته، والتأكُّد من عدم وجود تضارب مصالح، أو تعارض مع سياسة الشركة، وإدارة الوقت بشكل جيِّد لتجنُّب الإرهاق، والبحث عن بدائل أُخْرى لتحسين الدَّخل مثل تحسين المهارات، والحصول على ترقيات.