سحر الروائح: أسرار وإلهامات

معظم الأفراد لهم ذوقهم الخاص في اختيار الطيب المناسب لهم، وقد اشتهرت فرنسا بمنتجاتها المتميزة والمتنوعة التي ترضي كل الأذواق، واشتهرت بريطانيا بعطرها «كلايف كريستيان»؛ الذي يُعدُّ أغلى عطر بخاخ في العالم.
وصناعة العطور بدأت منذ عصور قديمة، حيث كانت تُستخدم في الطُّقوس الدينية، لا سيما البخور منها، ويؤكد المؤرخون أن للحضارة المصرية القديمة دوراً كبيراً في تأسيس صناعة العطور من الأزهار، حيث يتم عصر الورود فيخرج العطر منها، وكانوا يحتفظون بهذا المستخلص في أوانٍ خزفية وفخارية صغيرة، وكان العطر يُصنع للملكات ولزوجات الأمراء والكهنة لاستخدامه عند الاحتفالات.
لقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب العطور والبخور ويأمر بهما، ومن المعلوم أن أقدم أنواع العطر التي استخدمها العرب هو عطر الورد، الذي اشتهر بين القبائل العربية، حتى صار من الهدايا القيمة التي يتهاداها زعماء القبائل والأمصار، واستخدموا كل الأنواع كالياسمين والفل والورد وغيره.
ويعد ابن سينا أبرز العلماء الذين كان لهم اهتمام بتركيب العطور، وله كتاب أسماه «كيمياء العطور»، وكان يستخدم المسك والعنبر في تراكيبه وفق ما أوضحه معالي الشيخ أحمد زكي يماني -يرحمه الله-، الذي اشتهر بالخلطات المتميزة، ولم يورث الطريقة في آخر أيامه إلّا إلى حفيده نجل المستشار فيصل يماني.
وعندما حاولت أن أتعرف على المكونات والمقادير أفصح معاليه عنها، وهي:
خشب العود الهندي، وخشب الصندل، والورد الطائفي، ومسك الغزال، دون أن يفصح عن المقادير، إلّا أنه قدم بعض النصح الذي تضمن الحرص على بقاء العطور في درجة حرارة الغرفة، والحرص على عدم تعريضها للضوء، وأن من الأفضل بقاءها في العتمة تماماً، وأن يلاحظ استخدام (2+1) أي عطرين نباتي وواحد حيواني أو العكس، مع خضِّ الخلطة مرة في اليوم على الأقل لمدة لا تقل عن سبعة أسابيع، والتأكد دوماً باختيار العطور الأصلية المراد خلطها.
وينسب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «من أنفق ثلث ماله على الطيب، فما أسرف».