شركات توصيل الوجبات: شكاوى حول المستوى والسلوك غير المنظم للمندوبين

رغم إصدار هيئة النقل، بالتنسيق مع الإدارة العامَّة للمرور، ضوابط تنظيم استخدام الدرَّاجات الآليَّة، إلَّا أنَّ قطاع توصيل الطلبات في السعوديَّة لايزال يشهد عوائق تتمثَّل في عشوائيَّة عمل المندوبين؛ ممّا يؤدِّي إلى زيادة الحوادث، واستخدام سيارات متهالكة، ودرَّاجات ناريَّة لا تتوفر بها وسائل السَّلامة؛ ممَّا يعرِّض الطَّعام للتلوُّث وفقدان جودته.
ورصدت «المدينة» في إحدى جولاتها قيام بعض المندوبين بعكس اتِّجاهات السَّير، والسَّير بدرَّاجاتهم فوق أرصفة مخصَّصة للمشي في الأصل، وذلك من أجل الابتعاد عن زحمة الطرقات، والسرعة في تسليم الطلبات للزبائن، واستقبال المزيد، إضافة إلى عدم التقيُّد بتوحيد اللِّبس المرتاد أثناء عمليَّة التوصيل.
وفي هذا الصدد يبقى السؤال مطروحًا: هل سيتغيَّر الوضع بعد تطبيق وزارة البلديات والإسكان، في 1 يوليو 2025م، خدمة «تصريح التوصيل المنزلي» بشكل إلزاميٍّ على المنشآت الغذائيَّة، وغير الغذائيَّة التي تقدِّم خدمات التوصيل، عبر منصَّة «بلدي» في ظلِّ اشتراطات، منها إصدار شهادة صحيَّة للعاملين في خدمة التوصيل، والحصول على موافقة الجهة المشرفة على النشاط التجاريِّ، إضافة إلى وضع اسم المنشأة، أو علامتها التجاريَّة بشكل واضح على وسيلة النقل، مع تهيئة المركبات وفق المتطلَّبات الصحيَّة والفنيَّة الخاصة بنقل المنتجات؟
اضطراب تنظيمي
في البداية يقول الكاتب الدكتور عبدالله دحلان: توصيل الطلبات والأطعمة قطاع حيويٌّ يعاني من اضطراب تنظيميٍّ، يؤثِّر على أمن وسلامة المجتمع، مشيرًا إلى أنَّه خلف هذه الراحة الإلكترونيَّة، توجد شبكة عنكبوتيَّة عشوائيَّة من سائقي الدرَّاجات الناريَّة، ومندوبي التوصيل، والذين باتوا يشكِّلون ضغطًا متزايدًا على الطرقات داخل المدن؛ لأنَّ الغالبية منهم يلتزم بأنظمة المرور، ويتسبَّبون في العديد من الحوادث المروريَّة؛ ممَّا يعرِّض حياتهم وحياة الآخرين للخطر.
وأرجع ذلك إلى قلة الرقابة والتنظيم الواضح لهذه الفئة، مع ضرورة إلزامهم بالحصول على تراخيص مهنيَّة معتمدة.
أمَّا من جانب أمن وسلامة الغذاء، فلا توجد آليَّة واضحة تضمن أنَّ الطعام الذي يُنقل عبر هذه الوسائل يبقى محفوظًا ضمن درجات حرارة آمنة، أو أنَّ السائق يستخدم معدَّات نظيفة، خصوصًا في درجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها بعض مناطق المملكة؛ ممَّا قد يؤدِّي إلى فساد الأطعمة، وتعريض صحَّة المستهلكين للخطر.
قوانين صارمة
وطالب الكاتب الاجتماعي علي حسن حسون، بقوانين صارمة؛ بهدف تنظيم عمل تطبيقات توصيل الطعام، وإيجاد حلول سريعة وفعَّالة للمشكلة، سواء من خلال تحسين البنية التحتيَّة للطُّرق، ومراقبة حركة درَّاجات التَّوصيل السَّريع؛ بهدف تحقيق توازن بين الفوائد الاقتصاديَّة لهذه الخدمة، وضمان السَّلامة المروريَّة.
وأضاف، من الضروريِّ أيضًا أنْ يكون هناك تعاونٌ فعَّال بين الجهات الحكوميَّة والقطاع الخاص؛ لضمان حلول تنظيميَّة تحمي العاملين في هذا القطاع.
زيادة مبيعات المطاعم
وقال أحمد الكاشقري «الرئيس التنفيذي لجمعيَّة ملَّاك المطاعم والمقاهي»: تُعتبر صناعة المطاعم من الصناعات الأكثر تنافسًا في العالم؛ ممَّا يستلزم معه وجود خطَّة منظَّمة تشمل كيفيَّة تقديم منتج مميَّز ومختلف من حيث الجودة والطعم والشكل، إضافة إلى ضرورة التسويق الجيد، والمحافظة على العملاء، من خلال عقد الشراكات مع شركات توصيل الأغذية؛ بهدف زيادة المبيعات.
وأرجع مشكلات مندوبي شركات التوصيل إلى التنافس والسرعة في إيصال الأطعمة للعملاء، وتدنٍّ في تقديم الخدمة الجيِّدة في بعض الأحيان، من حيث جودة الطعام، والتأخير، وغيرها، ولكن في المجمل أرى أنَّ دخول شركات التوصيل زادت من مبيعات المطاعم.
رافد اقتصادي
وقال عبدالله السلامة، رئيس لجنة المطاعم والمقاهي بغرفة جدَّة: مع تطوُّر التقنيات الحديثة، وتغيُّر أسلوب الحياة، أصبح الإقبال على هذه التطبيقات جزءًا من حياة الفرد؛ ممَّا يتطلَّب وضع آليَّة لتنظيم هذا القطاع الذي يُعدُّ رافدًا اقتصاديًّا، وداعمًا كبيرًا لسوق الغذاء في المملكة.
وأشار إلى أنَّ غالبيَّة المطاعم أصبحت اليوم تبحث عن هذه الشركات؛ بهدف زيادة مبيعاتها، مؤكِّدًا على ضرورة التزام العاملين بالأنظمة والشروط الصحيَّة والبيئيَّة.
حملات مروريَّة مكثَّفة
من جهتها، كثَّفت الإدارة العامَّة للمرور مراقبتها لمتابعة مندوبي توصيل الطلبات المنزليَّة، وذلك للتأكُّد من نظاميَّتها وفق الأوراق الرسميَّة، مع التأكيد على أهميَّة وجود لوحة للدرَّاجة، ورخصة قيادة وسير، وارتداء الخوذة في أثناء القيادة.
وتوعَّدت بمصادرة درَّاجاتهم الناريَّة في حال عدم التزامهم بالأنظمة المروريَّة، وطالبت الإدارة العامَّة للمرور قائدي الدرَّاجات الآليَّة الالتزام بالأنظمة المروريَّة، ومتطلَّبات السَّلامة، عند قيادة الدرَّاجة داخل الأحياء، أو في الطرق الرئيسة.
استياء من سلوك مندوبي التوصيل
كشف «المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام» في آخر استطلاعاته، أنَّ 66% من العيِّنة التي شملها الاستطلاع، شاهدوا سلوك قيادة متهوِّرًا من طرف مندوبي التوصيل، فيما شهد الاستطلاع ذاته، إنَّ 59% من العيِّنة نفسها مستاؤون من أسلوب قيادة مندوبي توصيل الطلبات لتلك الدرَّاجات.
وحسب المركز الوطنيِّ لاستطلاعات الرأي العام، فإنَّ 49% من العيِّنة تعرَّضوا، أو شاهدوا حادثًا مروريًّا كان أحد أطرافه مندوب توصيل، فيما يعتقد 64% أنَّ مندوبي التوصيل ذاتهم لا يراعون معايير السَّلامة في قيادتهم للدرَّاجات الناريَّة.
«المنافسة»: القطاع يعاني من الإقصاء وحرب أسعار
حدَّدت الهيئة العامَّة للمنافسة، أبرز صور إساءة استغلال الوضع المهيمن لتطبيقات توصيل الطعام في السعوديَّة، التي رصدتها الهيئة أثناء دراستها لقطاع توصيل الطعام، وتمثَّلت أبرز تلك الصور في التسعير الافتراسيِّ، والبيع بأقل من سعر التكلفة، والتمييز بين بائعي السلع، والعقود الحصريَّة بين المنصَّات وبائعي السلع، والتفضيل الذاتي عبر الإخلال بمبادئ تكافؤ الفرص، وإقصاء المنافسين.
290 مليونَ طلبٍ خلال 2024
شهد قطاع توصيل الطلبات في المملكة، نموًّا ملحوظًا خلال عام 2024، وبلغ إجمالي الطلبات 290 مليون طلب في مختلف مناطق المملكة؛ ممَّا يجسِّد التوسُّع المستمر في سوق الخدمات اللوجستيَّة، والطلب المتزايد على حلول التوصيل السريعة والمرنة، في ظل وجود 61 شركة مرخَّصة من الهيئة العامَّة للنقل، وتصدَّرت منطقة الرياض إجماليَّ الطلبات بأكثر من 130,5 مليون طلب، ما يعادل 45%، تلتها منطقة مكَّة المكرَّمة بإجماليِّ 65,4 مليون طلب، ما يعادل 22.7%، ثمَّ المنطقة الشرقيَّة بـ43,2 مليون طلب، بما نسبته 15%، كما سجَّلت منطقة المدينة المنوَّرة 12,3 مليون طلب.
شركات توصيل الطعام
290 مليون طلب خلال 2024.
130,5 مليون طلب في الرياض.
65,4 مليون طلب في مكَّة المكرَّمة.
43,2 مليون طلب في المنطقة الشرقيَّة.
12,3 مليون طلب المدينة المنوَّرة.
61 شركة مرخصة من الهيئة العامة للنقل.
استطلاع المركز الوطني
66% شاهدوا سلوك متهور.
59% مستاؤون من أسلوب قيادة المندوبين.
49% تعرضّوا أو شاهدوا حادثا مروريا.
64% لا يراعون معايير السلامة.