هل تستطيع المؤسسات مواكبة سرعة «وسائل التواصل الاجتماعي»؟

هل تستطيع المؤسسات مواكبة سرعة «وسائل التواصل الاجتماعي»؟

أشاد العديد من كبار الإعلاميِّين في مصر، بتفوُّق قنوات «MBC « السعوديَّة على معظم الصحف والمواقع الإلكترونيَّة في تغطية حادث الفتيات الثماني عشرة اللائي اصطدمت سيارتهنَّ بشاحنة على أحد الطرق الإقليميَّة، وأدَّى الحادث لوفاتهنَّ.

وأثارت تغطية هذه القنوات الفضائيَّة، سؤالًا مهمًّا حول قدرة المؤسَّسات، على العودة بالقنوات والصحف للصدارة على حساب المواقع الإلكترونيَّة، متجاوزة عناصر السرعة في النقل، ومعوِّضةً إيَّاها بقوَّة الطرح، وموثوقيَّة المعلومة، ونقل الصورة كاملة من جميع جوانبها.

وفيما تشترط الدكتورة آمال المتولي، أستاذة الإعلام بجامعة المنصورة، لنجاح أي تغطية، وجود مراسلين ميدانيِّين في مكان الحدث، وعدم تحويل المأساة إلى ملهاةٍ أو تسليةٍ بدموع أهالي الضحايا، فضلًا عن البحث في جذور المشكلة من الأساس، إضافةً إلى الالتزام بأخلاقيَّات الإعلام، وعدم الاكتفاء بالوجوه الباكية، والابتعاد عن جرح المصادر، يرى الدكتور حماد الرمحي، عضو لجنة تراخيص الصحف بالمجلس الأعلى للإعلام بمصر، أنَّ السَّبب في التفوُّق عمومًا هو امتلاك أدوات العمل المهنيِّ السَّريع، وفي مقدمتها فريق العمل المهني والمدرَّب، الذي تمتَّع في هذه التغطية بالحسِّ الإنسانيِّ العميق، الذي بميِّزه عن غيره.

ويضيف: إنَّ قنوات «MBC» استطاعت أنْ تصل إلى موقع الحدث في توقيت قياسيٍّ، وقدَّمت تغطيةً حيَّةً ومباشرةً، وانحازت بصدقٍ لنبض الشارع، ناقلة آلام النَّاس، كما هي دون تزييف أو مبالغة.

كما القناة البيروقراطيَّة الإعلاميَّة المعتادة، وكسرت نمط التغطيات الروتينيَّة، لتقدِّم نموذجًا مهنيًّا يجمع بين السَّبق الصحفيِّ، والصدق الإنسانيِّ، والالتزام المجتمعيِّ، وهي ثلاثة نادرًا ما تتحقَّق في أيِّ تغطية إعلاميَّة.

ويرى الدكتور حماد، أنَّه يمكن إجمال أسباب تفوُّق هذه القنوات، بما يلي: أوَّلًا: السبق الصحفي وسرعة الوصول، ثانيًا: التغطية الحيَّة والمباشرة: ثالثًا: الصدق في نقل المعلومة، رابعًا: الانحياز للمواطن ووجدان الشارع، خامسًا: كسر الروتين والبيروقراطيَّة الإعلاميَّة، سادسًا: التأثير الإعلامي والمجتمعي.

ويضيف: إنَّ قوَّة الإعلام تُقاس بمدى تأثيره في الرَّأي العام، وهو ما حقَّقته القناة أثناء التغطية، حيث أثارت نقاشًا عامًّا حول الإهمال في الطرق، والقصور الخدميِّ في الريف، وفي مقدمتها قضيَّة عمالة الأطفال، وهو ما دفع البعض للمطالبة بالتَّحقيق ومحاسبة المسؤولين عن هذا الحادث الأليم، وهو ما يعكس تأثير الإعلام الحقيقيِّ.

بدورها ترى الدكتورة رشا طاحون، أستاذة الإعلام التربويِّ، أنَّ مقياس تفوُّق وسائل الإعلام التقليديَّة على «السوشيال ميديا»، أو العكس يتوقَّف ليس فقط على سرعة نقل الحدث، وإنَّما على استيعاب الوظيفة الحقيقيَّة للإعلام، وهي نقل الحقيقة للجمهور، من خلال تقديم معلومات دقيقة وموثوقة.

واذا كانت أدوات «السوشيال ميديا» تصل بأسرع وسيلة لنقل المعلومة للنَّاس، لكنَّ الثابت أنَّها في معظم الأحوال لا تنقل المعلومة الأدق والأعمق.

وفي المقابل تعمل فرق المؤسَّسات الإعلاميَّة بشكل أبطأ، لكنه أكثر التزامًا بالمهنية والموضوعية.

وفي حالة قنوات MBC، رأينا نموذجًا واضحًا لقوَّة الطرح، الذي أثار إعجاب المشاهد، وإحساس المسؤول بحجم المسؤوليَّة، ومن ثَمَّ المسارعة بالتفاعل والوجود مكان الحادث.