بين الوجبة ومكانها… من يتولى القيادة؟

في سنوات مضت، لم يكنْ أمام النَّاس إلَّا التعايش مع خدمات توصيل، يشوبها الكثير من العشوائيَّة، فلا تنظيم واضح، ولا هويَّة محدَّدة للمسؤول عن الخدمة. لم يكن أحدٌ يعرفُ على وجهِ الدقَّة إنْ كان السائق تابعًا لمطعم، أو تطبيق، أو مجرَّد وسيط يعمل «على البركة»! الأسماء تتعدَّد، والمسؤوليَّات تضيع، والضحيَّة في النِّهاية «زبون» يُحاسب على تأخير، أو خدمة ضعيفة، أو حتَّى سلوكيَّات لا تليق بمهنة تقوم في الأصل على الثقة والاحترام. والأمر لا يتوقَّف عند حدود الجودة، أو الأمان فقط، بل يمتدُّ إلى ما يشعر به المستهلك أحيانًا من فروقات غير مفسَّرة في أسعار المنتجات عند الطلب، عبر بعض التطبيقات، مقارنةً بالسِّعر الفعليِّ في المنفذ ذاته، وهي فروقات قد لا تكون خفيَّةً، خاصَّةً عند تكرار التجربة، أو مقارنة الفاتورة. من هنا نطرح سؤالًا بسيطًا وموضوعيًّا:
هل يملك المستهلك حقَّ المعرفة والشفافيَّة التامَّة في تفاصيل السِّعر، وماهيَّة الرُّسوم؟
هذا السؤال وحده كفيل بأنْ يفتح الباب أمام مراجعة شفَّافة تُسهم في بناء ثقة أكبر بين الأطراف.
من هنا جاءت خطوة وزارة البلديَّات والإسكان، بإطلاق خدمة تصريح التوصيل المنزليِّ، عبر منصَّة «بلدي»، كواحدةٍ من المبادرات التي تعيد ترتيب هذا القطاع، وتربط الخدمة بالهويَّة، والوسيلة بالمسؤوليَّة، والتوصيل بالامتثال. ومع التطبيق الإلزاميِّ لهذا التنظيم، بدءًا من يوليو الحالي، تبدأ مرحلة جديدة من ضبط التفاصيل التي كانت تُدار على الهامش. وهذه التفاصيل، مهما بدت صغيرةً، تصنع في النهاية الفرق بين الخدمة، وبين الفوضى.