رسالة إلى الطالب الجامعي الجديد: قدراتك هي مسؤوليتك

رسالة إلى الطالب الجامعي الجديد: قدراتك هي مسؤوليتك

نعلم جيدًا أنَّ لكلِّ طالب قدرات ذهنيَّة ومهاريَّة مختلفة، ونقدِّر تمامًا أنَّ بعض التخصُّصات قد لا تناسب الجميع، وهذا أمر طبيعي، لكن ما لا يمكن تفهُّمه -ولا ينبغي القبول به- هو أنْ يختار طالب ذو قدرات عالية، وذكاء واضح، وطاقات مميَّزة، أنْ يسلك الطريق الأسهل فقط؛ لأنَّه لا يريد أنْ يبذل جهدًا.

حين يختار الطالب المتميِّز تخصُّصًا لا يوازي إمكانيَّاته فقط؛ لأنَّه لا يحتوي على معامل تتطلَّب قضاء وقت أطول في الجامعة، أو تقارير دوريَّة، أو ضغط دراسي، فهو لا يظلم نفسه فحسب، بل يُهدر فرصة بناء مستقبل يليق بقدراته، هذا النوع من الاستسهال مؤلم؛ لأنَّه لا يصدر من طالب عاجز عن الإنجاز، بل من طالب قرَّر أنْ «لا يُتعب نفسه»، وفضَّل الرَّاحة الآنيَّة على الاستثمار الطويل الأمد.

فالطلاب الذين يمتلكون التفكير التحليلي، أو الإبداع، أو المهارات التقنيَّة، أو الحضور الاجتماعي، فهذه ليست ميزات تُهدَر، بل مسؤوليَّات تُنمَّى، فهؤلاء مُطالبُون بأنْ تُوظَّف قدراتهم في تخصُّصات تفتح لهم آفاقًا واسعةً، حتَّى إنْ كان صعبًا أو طويلًا، فما الفائدة من قدرات عظيمة تُستخدَم في مهمَّة سهلة، لا تترك أيَّ أثر أو بصمة؟

رسالة إلى كل طالب مستجد.. الجامعة ليست مجرد مرحلة للعبور، بل معمل حقيقي لبناء الشخصية، والمهارات، والعقلية المهنية، وكل ساعة يقضيها الطالب في بحث، أو مشروع، أو تدريب عملي، هي استثمار في ذاته، ومَن يملك القدرات العالية، يجب أنْ يكون قدوةً في تحمُّل المسؤوليَّة، والسعي نحو التميُّز لا في تقليد من يبحث عن الرَّاحة.

نُقدِّر الطالب الذي يقبل تحدِّي تخصِّص صعب رغم محدوديَّة قدراته؛ لأنَّه اجتهد، لكنَّنا لا نعذر الطالب المتفوِّق الذي يهرب من التحدِّي فقط؛ لأنَّه «لا يريد أنْ يرهق نفسه»، فالموهبة دون جهد مجرَّد إمكانات مهدورة.

ويبقى جميع ما يكتسبه الطالب خلال الجامعة، مرآة أثناء التحاقه بسوق العمل، فكلَّما اكتسب مهارات أكثر، سيكون الالتحاق بالوظيفة والتطوُّر بها أعلى.