سوق الأدوية ومعادلتها الغامضة!

سوق الأدوية ومعادلتها الغامضة!

* قبل شهرين تقريبًا، كنتُ في زيارة للعاصمة المصريَّة القاهرة، وحينها طلب منِّي أحد الأصدقاء أنْ أبتاعَ له دواءً من هناك؛ نظرًا لانخفاض قيمة الأدوية المصنَّعة في مصر، ذهبتُ للصيدليَّة، فاكتشفتُ أنَّ سعر العبوة من ذلك الدواء (1100 جنيهٍ مصريٍّ)، وهو ما يعادل تقريبًا (85 ريالًا سعوديًّا)؛ فتعجَّبتُ من ارتفاع قيمته، وهنا أكَّد لي الصيدليُّ أنَّ هذا الدواء مستورد، وليس تصنيعًا مصريًّا؛ ولذا سعره مرتفع، أخبرت صديقي بالأمر، فأصرَّ على طلبه؛ لأنَّ هذا الدواء قيمته في أسواقنا المحليَّة تصل لــ(231 ريالًا)!

*****

*وهنا ما أعرفه أنَّ الجمارك المصريَّة تفرض ضرائب مرتفعة على المنتجات المستوردة؛ وذلك دعمًا للمنتج المحليِّ، ومنها الدَّواء لكثرة شركات تصنيعه؛ حيث تضم السوق المصريَّة ما يزيد على (180 مصنع دواء، و1200 شركة أدوية مصنَّعة لدى الغير)، وهذه الأرقام بحسب تقديرات شعبة الأدوية باتِّحاد الغرف التجاريَّة المصريَّة.

*****

* أمَّا عندنا، فأعتقدُ أنَّ الأدوية مُعفَاة من الرُّسوم الجمركيَّة؛ إضافة إلى أنَّ الكثير منها تُصنَّع محليًّا، بل ومنها الذي فائضه يُصدَّر خارجيًّا؛ وبالتالي تأتي معادلة تجاريَّة غريبة جدًّا، صدِّقوني لم أفهمها، فكيف يبيع المستوردُ المصريُّ الذي يدفعُ ضرائب الدَّواءَ نفسه بسعرٍ أقل بـ(150%) من المستوردِ السعوديِّ المُعفَى منها؟!!

*****

* طبعًا لا أعتقدُ أنَّ السَّبب ذكاء المستثمر المصريِّ في عقد الصفقات مع الشركات والمصانع العالميَّة، وقدرته على تخفيض أسعارها، ولا أظنُّ أنَّ ذاكرة المُصدِّر الأجنبيِّ يسكنها بأنَّ كلَّ مواطن سعودي يمتلك بئرًا من البترول، وبالتَّالي يرفع قيمة الأدوية على مستوردينا، الذين بدورهم يرفعُون الأسعار على المستهلكِينَ، أو المرضى الغلابى.

*****

* وإزاء تلك المعادلة العجيبة، سأتوقَّف عن إلقاء تُهم الاحتكار، والجشع، والطمع، التي قَـد تحكم بعض أسواقنا، وتسيطر على فئة من التجَّار والمستوردِينَ الذين يذبحُون المستهلكِينَ على الطريقة غير الإسلاميَّة، بل سأنتظر توضيحًا شافيًا كافيًا من هيئة الغذاء والدواء، وسلامتكُم.