الاختبارات في نظامنا التعليمي

الاختبارات في نظامنا التعليمي

‏تُعتبر الاختبارات إحدى أهم أدوات القياس لتقييم مستوى الطالب، وما اكتسبه من محتوى علميٍّ ومهاراتٍ خلال فترة زمنيَّة محدَّدة، وهي لابُدَّ أنْ تُمثِّل محتوى المادة الدراسيَّة، ولابُدَّ أنْ تتَّصف (بالصدق)، بمعنى أنْ يقيس الاختبار القدرات والمضمون الدراسي، وتحت نفس الظروف البيئيَّة والتعليميَّة. بل لابُدَّ أنْ يتَّصف بالثبات، بمعنى لو أُعيد الاختبار مرَّة أُخْرى على نفس العيِّنة من الطلاب، فإنَّه يُعطي نفس النتيجة.

‏وقد أخذت الاختبارات اهتمامات كُبْرى في سياستنا التعليميَّة، وكانت (مركزيَّة) لعقود.. إلَّا أنَّ اكتشاف أنَّ هذه الاختبارات قد تكون غير صادقة لبعض الطلاب؛ لاختلاف البيئات التعليميَّة، ومستوى المعلِّمين، وطرائق التدريس، ناهيك عن التكاليف الماديَّة العالية في إعداد الأسئلة وإرسالها، ومشكلات كشف الأسئلة؛ ممَّا أدَّى إلى إلغائها.

وقد فوجئنا هذا العام بعودة (الاختبارات المركزيَّة)، التي كانت في البداية لتلاميذ الصفوف الثالث والسادس الابتدائي، والثالث متوسط.. ثمَّ في نهاية الفصل الثالث أُعلن عن اختبارات مركزيَّة لكافَّة الصفوف الدراسيَّة.

‏المشكلة أنَّ كثرة الاختبارات وتعددها، وفي ثلاثة فصول دراسيَّة: “القدرات، والتحصيلي، ثم تأتي المركزيَّة، فضلًا عن اختبارات منتصف الفصل، ونهاية الفصل”.. تضع الطالب في ضغوط نفسية كبيرة، وتضع أولياء الأمور أمام التزامات كثيرة، ممَّا يؤدي إلى إرباك الأسرة.

والمشكلة أنَّ الاختبارات المركزيَّة -كما أفادت مستشارة في التعليم ‏مؤخَّرًا؛ لبرنامج (الشارع السعوديِّ)- “أنَّها لا تدخُّل لها في نجاح الطالب أو رسوبه، وأنَّ هناك ثلاث دوائر للفهم، الدائرة الأولى: الأفعال الثابتة والأفكار الكُبْرى، وهي التي تقيسها الاختبارات المركزيَّة”، فكيف باختبارات تُربِك الأُسَر، وتُوتِّر الطالب، ولا تدخل في تحديد مستواه، وتُركِّز على الأفكار الكُبْرى؟! علمًا أنَّه في الميدان التربويِّ رصدت نتائج الاختبارات في نظام نور أنَّها أثرت على معدلات الطلاب رسوبًا ونجاحًا.

‏وإذا كانت -كما تدَّعي- أنَّها تهدف فقط إلى تحديد المجالات التي تحتاج إلى تطوير، كتحسين دور المعلِّم وتدريبه، وتطوير المناهج، وطرائق التدريس، وتطوير السياسات التعليميَّة، وتحسين جودة التعليم.. فلابُدَّ أنْ نطرح سؤالًا كبيرًا: ما دور (هيئة تقويم التعليم) خلال العام الدراسيِّ، التي تُركِّز على كافَّة جوانب العمليَّة التعليميَّة.

وذكرت أنَّ الاختبارات تُعِدُّهَا الإدارات التعليميَّة في المناطق.. في حين أنَّه في يوم الأحد 22/ 6/ 2025م، أدَّى عُطل في منصَّة الاختبار إلى تأخُّر وصول أسئلة الرياضيَّات لطلبة وطالبات المرحلة الابتدائيَّة والمتوسطة في جدَّة؛ ممَّا سبَّب ربكةً في المدارس، والمنازل، وإدارات التعليم، واعتذرت المدارس “أنَّ التأخُّر من الوزارة؛ بسبب أمور تقنيَّة”.

لا ننكر أنَّ وزارة التعليم تبذل جهودًا حثيثة لتحسين المخرجات التعليميَّة، وتحسين مستوى الطلاب والمعلِّمين، والتشخيص لجوانب القوة والضعف طوال العام الدراسي، وليس فقط من خلال اختبارات مركزيَّة قد لا تكون (صادقة).

‏إنَّ نجاح التعليم في دول العالم الأوَّل، ومنها فنلندا، يعتمد على مبادئ أساسيَّة، كاحترام التعليم والمعلِّم، واختيار المعلِّمين الأكفاء. ويعتمد على ساعات عمل أقل، وراحة أكثر لتوجيه الطاقات لتحسين المضمون، وتكافؤ الفرص التعليميَّة، فلا يمكن أنْ تعطى نفس الاختبارات لطلاب في بيئات تعليميَّة متفاوتة.. ولا يمكن القبول بضغوط نفسيَّة كبيرة جرَّاء الاختبارات، وتتاح له فرص أقل في التعلُّم النشط والإبداع والابتكار، وممارسة الهوايات.. هذا فضلًا عن ثلاثة فصول أطالت العام الدراسي حتى ٢٣ يونيو.

وإشارةً إلى ما طرحه مجلس الشورى -في جلسته الأخيرة- بضرورة إعادة النظر في التقويم الدراسي المطوَّل؛ لذا أتمنَّى على وزارة التعليم إعادة النظر في الفصول الدراسيَّة الثلاثة، والاختبارات المركزيَّة، والأخذ من النماذج العالميَّة بما يتناسب مع مجتمعنا.