فحص الجينات للأجنة: متى يصبح أمرًا ضروريًا؟

تتنامى هذه الأيام فكرة الفحص الوراثي للأجنَّة، قبل انغراسها في الرَّحم، دونما حاجة لذلك، إنَّما لمعرفة إذا كان الجنين سيكون به مرضٌ وراثيٌّ أم لا فقط، وقد سألني البعض عن ذلك بحكم تخصُّصي في علم الأجنَّة، كما ذكرتُ أنَّ البعض يعمل الفحص الوراثي؛ بهدف أخذ الاحتياط، من حصول أيِّ مرض -لا قدَّر اللهُ- أي فحص مبكِّر لاتِّخاذ العلاج المبكِّر، لو كان هناك مرضٌ، او التخلُّص منه بالإجهاض.
فأقول موضِّحًا: إنَّ الفحص الوراثيَّ للأجنَّة ليس ضروريًّا لكلِّ امرأةٍ حامل، مع التأكيد أنَّه يكون ضروريًّا في بعض الحالات، مثل عندما تكون المرأة الحامل مرَّت بتجربة ولادة طفل أُصيب بمرض وراثيٍّ أو إعاقة خاصَّةً الأمراض التي لا تظهر في السنة الأُولى من عمر الطفل، أو في حالة أنَّ أحد الزَّوجين يحمل كرومزوماتٍ وراثيَّةً مرضيَّةً، أو في حالة أنَّ كلا الزَّوجين يحملُ جيناتٍ متنحِّيةً لمرضٍ وراثيٍّ، فتظهر نسبة من الأمراض الوراثية على أطفالهما، كما في حالة بعض أمراض الدَّم السرطانيَّة، وحاليًّا تختبر بعض هذه الأمراض في الفحص ما قبل الزَّواج؛ تجنُّبًا أنْ يكون هناك أجنَّة مريضة وراثيًّا، وقد أفاد هذا النوع من الفحص قبل الزَّواج المجمتع، والحقيقة كان لهذا الإجراء قبل الزَّواج إيجابيَّة كبيرة في التقليل من تلك الأمراض الوراثيَّة، وكذلك يكون ضروريًّا في حالة أنَّ الزَّوج أو الزَّوجة لهما أو لأحدهما تاريخٌ عائليٌّ من الإصابة بالأمراض الوراثيَّة مثل متلازمة داون، أو التليُّف الكيسي، أو بعض أمراض الدم الوراثيَّة، أو قد تحتاج الفحص الوراثي -أقول قد، وليس ضروريًّا- مَن كان حملها متأخِّرًا فوق الأربعين؛ بسبب أنَّ بعض جينات الأمراض الوراثيَّة متاح لها الظهور أكثر في السنِّ المتأخِّرة من الحمل، أمَّا غير ذلك من الأسباب التي لا تُعدُّ ضروريَّةً، ولا حاجة لها، أو تُعمل لطلب أخذ الاحتياط من مستقبل إصابة الجنين ببعض الأمراض الوراثيَّة، فذلك قد يكون له أموره السلبيَّة على الجنين، دونما داعٍ لإجرائه.
هذا إذا علمنا أنَّ هناك قدرةً إلهيَّةً عبر الهيمنة البيولوجيَّة، والإصلاحات البيولوجيَّة الذاتيَّة للجنين عند إصابته ببعض الأمراض وهو فِي بطن أُمِّه، وقد ثبت ذلك علميًّا، حيث تظهر بعض العلامات المرضيَّة في بداية تكوين الجنين، لكن ما تلبث أنْ تختفي في نهاية تكوينه. أمَّا عبر التوجيه الجينيِّ الذي لا يزال في مرحلتَي البناء والنموِّ، أو التدخُّل من معطيات الأُم البيولوجيَّة عبر دمها، وجهازها المناعيِّ، أو تغذيتها، ومواصلتها الفسيولوجيَّة له.
إنَّ الفحص الوراثي للأجنة مهم، ويوفر للزوجين شيئًا من الاطمئنان في حالة قلقهما من حالات تشوهات مرضية سابقة، إلَّا أنَّه قد يكون سببًا في الحالات الطبيعيَّة التي لا تحتاج المرأة الحامل له في أمور سلبيَّة مثل: الإجهاض، أو تكون الفحوصات الوراثيَّة غير الدقيقة سببًا لقلق المرأة الحامل، فيؤثِّر ذلك على الجنين وهو سليم أساسًا.