أهمية الحج في قلوب المسلمين

للحجِّ في نفوس المسلمين مكانةٌ خاصَّةٌ، فهو إضافةً إلى تأدية الفريضة والرُّكن الخامس من أركان الإسلام، يُشكِّل وحدةً ثقافيَّةً، ورابطةً إسلاميَّةً لهم جميعًا. وفي هذا يقول مؤرِّخٌ من شبه القارة الهنديَّة، عُرف بدراساته عن المسلمين في شبه القارَّة والمحيط الهندي ك.ن. شودري، في دراسة نُشرت عام 1990م: «إنَّ مكَّة المكرَّمة مدينةٌ رئيسةٌ، ولها -حقًّا- سيادةٌ مكانيَّةٌ غير محدودةٍ»، دلالة على مدى عمق تأثير تأدية شعيرة الحجِّ في الأراضي المقدَّسة. وفي مكان آخر، يصف المستشرق الهولندي سنوك هورخرونية، الذي عاش في مكَّة قرابة العام 1884 – 1885م، في كتابه القيِّم، الذي أبدعت دارة الملك عبدالعزيز في الرياض بترجمته، وطباعته، ونشره في جزءين، يصف مشاعر الحجَّاج الإندونيسيِّين والملاويِّين، والذين قضي العام معهم كواحد منهم في تأثير الحجِّ عليهم بقوله: «إنَّ نتيجة الحجِّ زيادةٌ كبيرةٌ في شعورهم بالرابطة الإسلاميَّة، والشعور بالقوَّة الدينيَّة للإسلام». وغنيٌّ عن القول، كم نحنُ في المملكة العربيَّة السعوديَّة محظوظون بما وهبنَا الله من نعمة خدمة ضيوف الرَّحمن من حجَّاج ومعتمرِينَ وزوَّارٍ، والتي تقوم عليها حكومة خادم الحرمين الشَّريفين، وسمو ولي عهده، ومنذ أنْ بدأ توحيد المملكة علي يد الملك عبدالعزيز -طيَّب الله ثراه- يُكرِّر قادتنا على الدَّوام تشرُّفهم بذلك. فالملك عبدالعزيز، وفي خطاب له أمام مجلس الشورى في مكَّة المكرَّمة في دورة المجلس لعام 1351هـ – 1932م يقول نصًّا: «إنَّ السَّعيَ لخدمةِ مصالحِ الحجَّاجِ في هذهِ البلادِ المقدَّسة من أسبابِ القُربِ إلى اللهِ». كما أكَّد ذلك خادم الحرمين الشَّريفين الملك سلمان عبر منصَّة «إكس» بقوله: «نحمدُ اللهَ أنْ شرَّفنَا بخدمةِ الحرمَينِ الشريفَينِ». وهو ما يؤكِّده دائمًا الأمير محمد بن سلمان في حفل الاستقبال لكبار ضيوف الرَّحمن في منى هذا العام بقوله: «إِنَّنا في المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ نشكرُ المولَى -عزَّ وجلَّ- أنْ شرَّفنَا بخدمةِ الحرمَينِ الشريفَينِ والمشاعرِ المقدَّسةِ، والعنايةِ بقاصديهَا، والحرص على أمنِهِم وسلامتِهِم ونعتزُّ بمواصلةِ القيامِ بهذَا الواجبِ العظيمِ». نعم.. إنَّنا في هذه الأرض المباركة -حكومةً وشعبًا- نشكرُ الله أنْ منحنا نِعمة وجود الحرمين الشريفين بيننا، ونُدركُ مركزيَّة الحجِّ في نفوس المسلمين، ونعتزُّ ونفتخرُ بذلك.