ما الذي سيحدث إذا تُركت إسرائيل وحدها؟

ما الذي سيحدث إذا تُركت إسرائيل وحدها؟

طيلة ٧٦ سنة كبيسة، تفنَّنت إسرائيل في إرهاب الفلسطينيِّين، وأمطرت عليهم وابلًا من القنابل، والنَّكبات، وجرائم الحروب، ثمَّ سوَّقت للعالم أنَّها هي الضحيَّة، وأنَّهم هم الجَلَّاد!.

وكان الغرب دائمًا واقفًا في صفِّها، ويمدُّهَا بالمال والسِّلاح، ويحميها من العقاب، ويُبرِّر وحشيتها، ويُطالب العرب بحبِّها، والتطبيع معها، وكأنَّها دولة بريئة ليست لها أيديولوجيا متطرِّفة، ولا خطط توسعيَّة واحتلاليَّة، ومؤامرات، واستكبار!.

وما زاد إسرائيل ذلك عند الشعوب العربيَّة إلَّا كراهيةً، ولو كانت الكراهيةُ محفوظةً في وعاء لغرفت منها الشعوب العربيَّة دون أنْ ينقص، وقد فاض حتَّى سالت الأوديةُ العَرَبيَّةُ بِقَدَرِهَا المَكْتُوبِ!.

لكنَّ الدنيا دُوَل، والغلبة يُداولها اللهُ بين النَّاس، واليوم نشهد تغيُّرًا لافتًا في الموقف الغربيِّ من إسرائيل، وبدأت جُدران دعمها الشعبيِّ هناك في التصدُّع، ويعترض الكثيرُ من الشعوب الغربيَّة على حكوماتها، مُطالبين بوقف الدعم الأعمى لإسرائيل، وهناك برلمانات غربيَّة تحوَّلت في بضعة أشهر ضدَّها، بعدما رأت الأهوال التي أنزلتها على الفلسطينيِّين في غزَّة، والبعض من الشعوب الغربيَّة بدأت في مقاطعة إسرائيل اقتصاديًّا، وحرَّمت على نفسها شراء بضائعها التجاريَّة، فسبحانَ اللهِ مُغيِّر الأحوال.

ولو انقلبَ السحرُ على الساحرِ، ولو تُرِكَت إسرائيل وحيدةً دون عضدٍ حكوميٍّ أمريكيٍّ، أو أوروبيِّ، فلا شكَّ أنَّها ستنهارُ عسكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، وحينها سنتفرَّج على فيلم Action مُثير، مُستوحَى من واقع لا خيال، وفيه سوف يستحضرُ الفلسطينيُّون -ومعهم السوادُ العربيُّ الكبيرُ- (كلَّ) لحظة وجع، (وكلَّ) صورة لطفلٍ فلسطينيٍّ مقتول، ومُمزَّق الأشلَّاء؛ جرَّاء القصف بالقنابل المُحرَّمة دوليًّا، (وكلَّ) بيت مُهدَّم، (وكلَّ) أُمٍّ ثكلَى، (وكلَّ) أبٍ مكلوم، (وكلَّ) يتيمٍ حائر، (وكلَّ) مسجدٍ محروقٍ بمن فيه من المُصلِّين، وما فيه من المصاحف الشَّريفة، (وكلَّ) مستشفى أخرجته من الخدمةِ للأبد، (وكلَّ) مقبرةٍ جماعيَّة ملأتها بالشُّهداء، حتَّى لم يعدْ هناك مُتَّسع للدَّفن، (وكلَّ) صحفيٍّ مُستهدَفٍ، (وكلَّ) مخزنِ طعامٍ مُفجَّرٍ، (وكلَّ) محطَّة تحليةِ مياهٍ عطبتها بقنابلها الذكيَّة والغبيَّة في الوقت نفسه، (وكلَّ) بُرجٍ سكنيٍّ ساوته بالأرض في ثوانٍ، (وكلَّ) أسيرٍ حبسته ظُلمًا في سجونها السوداء، (وكلَّ) اغتيالٍ نفَّذته بلا هوادةٍ حول العالم ضدَّ كلِّ ما هو فلسطيني، وغير ذلك من (كلِّ).. (وكلِّ).. و(كلِّ)!.

هل سينتقم الفلسطينيُّون أشدَّ الانتقام؟ ويجوسُون خلال الدِّيار؟ ويُتبِّرُون ما عَلَوْا تتبيرًا؟ لا أعلمُ، ولكنِّي أعلمُ أنَّهم لن ينسُوا حتَّى لو تظاهرُوا بالنسيانِ، وما من ظالمٍ قد دامَ ظلمه، وما مِن محتلٍّ قد خُلِّدَ على الأرضِ.

ويوم تنقلبُ الأمور، سيندم الصهاينةُ، ولاتَ حينَ ندمٍ، وهذه هي سُنَّة الأُمم، لم، ولا، ولن تتغيَّر، واللهُ غالبٌ علَى أَمْرِهِ وَلَوْ كَرِهَ الصهاينةُ الكافرُونَ.