وسام التفوق من وزارة الشؤون الإسلامية

في زمنٍ باتت فيه معاييرُ التفوّق تُقاس لا بزُخرف القول ولا بكثرة الشعارات، بل بما تحقّق على الأرض من منجزٍ ملموس، وما وُضع من لبناتٍ صلبةٍ في صرح البناء الوطني، تبرز وزارةُ الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بقيادة معالي الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ أنموذجًا رائدًا في كيفية التلاقي بين الرسالة والقيم، وبين التديُّن والتمدُّن، وبين القول الحسن والفعل الأقوم.
وفي عهدٍ تُشرق فيه الرؤية الوطنية من عليائها، متّكئةً على سواعد الأوفياء، وضمائر الأمناء، وأفئدةٍ نذرت نفسها لخدمة الدين والوطن، جاء تكريم الوزارة بوسام التميّز من المركز السعودي لكفاءة الطاقة، لا بوصفه تكريمًا عابرًا، بل بوصفه إشادةً سامقةً بمسارٍ زاخرٍ بالعمل والوعي، وبراعة القيادة، وصدق الالتزام. لقد أحرزت الوزارة -بتوفيق الله، ثم بحنكة معالي الوزير- نسبةً كاملةً بلغت مئة في المئة في بطاقة الأداء في كفاءة الطاقة، محافظةً على هذه النسبة لعامين متتاليين، في سابقةٍ قلّ أن تجد نظيرًا لها في مضمار الأداء المؤسسي، لا سيّما في قطاعٍ دينيّ يُظَنّ به أن يقف على هامش التحوّل، لا في صلبه. غير أن وزارة الشؤون الإسلامية أثبتت بجدارة أن الدعوة إلى الله لا تنفصل عن قيم الجودة، وأن الإرشاد لا يُناقض الحداثة، بل يحتضنها حين تتكامل مع الأهداف الشرعية، وتخدم الغايات العليا. وإنّ ما تحقّق ليس ثمرةَ قراراتٍ آنية، ولا مخرَجَ ارتجالٍ إداري، بل نتيجة مسارٍ طويلٍ من البناء الصامت، والعمل المتقن، والتوجيه السديد، الذي يقوده معالي الوزير، رجل الدولة الحصيف، الذي جمع بين فقه الدعوة، وفن الإدارة، بين قوة المبادرة، ورهافة البصيرة، وبين الإيمان العميق برسالة الوزارة، والإدراك الواسع لأبعاد التنمية الوطنية.
ولئن كان التكريم قد أُعلن في أمسية الأربعاء، فإنّ فصول الإنجاز قد كُتبت قبل ذلك بسنين، بأحبار العزيمة، وأوراق الالتزام، وخطوطٍ من الإتقان، تتعانق فيها القيم الإسلامية مع أدوات التخطيط، وتتماهى فيها الرسالة الدعوية مع مؤشرات الأداء، وتتعانق فيها البُعد الروحيّ مع الرؤية المؤسسية العصرية. إنّ وزارة الشؤون الإسلامية حين تُكرَّم في ملف الطاقة، فهي تُعلن -بلغة الواقع لا البلاغة- أن المسجد لا يُضيء بنور الله فقط، بل يُضيء كذلك بنور الكفاءة، وأنّ الدعوة ليست خطبةً تُلقى، بل سلوكٌ يُحتذى، وأنّ الترشيد ليس خيارًا ماليًّا فقط، بل واجبٌ شرعيّ، وسلوكٌ مدنيّ، وخلقٌ إداريّ رفيع. لقد أدركت الوزارة، بما أُلهمت به من قيادةٍ راشدة، أن كفاءة الطاقة ليست شأنًا تقنيًّا بحتًا، بل انعكاسٌ لفهمٍ عميقٍ لمقاصد الشريعة في حفظ الموارد، وأن إدارة النعمة لا تقلّ شرفًا عن شكرها، وأن حسن التصرّف في المال العام يُعدّ من تمام الأمانة، التي تُسأل عنها الرقاب أمام الله ثم أمام الوطن. فيا له من مشهدٍ مهيب، حين يُرى رجلُ الدعوة والإرشاد، معالي الوزير، يتقدّم في ميدانٍ ظنّه البعض حكرًا على التقنيين والمهندسين، فإذا به يسبقهم لا بالمعدّات، بل بالرؤية، لا بالأرقام وحدها، بل بالقيم، فيقول -بلسان الحال قبل المقال-: إنّ إدارة بيت الله لا تقلّ شأنًا عن بنائه، وترشيد موارده لا يقلّ شرفًا عن إعماره، وإنّ الوزارة التي تُحسن التوجيه الروحي، تُحسن أيضًا الإدارة الدنيوية، لأنهما في المنظور الإسلامي الحقّ ليسا متقابلَين، بل متكاملَين. وهكذا، سُطِّرت صفحة مشرقة في سجلّ الوطن، تُضاف إلى رصيدٍ مهيبٍ من المنجزات التي حقّقتها الوزارة في عهد معاليه، وتُكتب بأحرفٍ من نور في سجلّ كلّ من أيقن أنّ الدين ليس حاجزًا عن التنمية، بل بوابةُ عبورها الكبرى، وأنّ من يحملون راية الدعوة، إذا ما صَدَقوا، كانوا أقدر الناس على حمل راية التقدُّم.