العرب عقب الهجوم الأمريكي على إيران..!!

مهما اتَّفق العربُ أو اختلفوا مع إيران، ومهما تعارضت مصالحهم مع مشروعاتها السَّابقة في بعض الدول العربيَّة، إلَّا أنَّها تبقى جارًا أبديًّا لهم منذ قديم الزَّمان، يتقاربُون معها حينًا، ويتباعدُون عنها حينًا آخرً، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ بين الأمم لاسيَّما المختلفة منها في اللُّغة، والمذهب، والخلفيَّة التاريخيَّة المليئة بالأحداث المتضاربة.
وما قامت به الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة مؤخَّرًا من ضربةٍ نوعيَّةٍ لإيران، ربَّما أجهزت بها على ما تبقَّى من برنامجها النوويِّ، هو انحياز واضح لإسرائيل من أقوى دولة على وجه الأرض!.
وهكذا انحياز سيُرجِّح كفَّة إسرائيل في حربها ضدَّ إيران؛ لدرجة تُقارب الانتصار المُطلق، وسُيتيح لإسرائيل أنْ تتغوَّل في المشرق العربيِّ أكثر ممَّا هي متغوِّلة أصلًا، وسيُحوِّلها إلى قوَّة إقليميَّة عُظمى بلا مُنازِع!.
ولو كانت الصهيونيَّة حركةً عاقلةً لاختلف المشهد، وخفَّت المصيبة، ولكنَّها حركة خبيثة، ومشروع استعماريٌّ توسُّعيٌّ وبغيضٌ، وانتصارُها فيما لو تحقَّق كاملًا، سيحرم المشرق العربيَّ من الهدوء، ومن تركيز دُوله على التنمية المحليَّة، وسيزيد نسبة عدم احترام إسرائيل لدوله، ناهيك عن إفشال حلِّ الدَّولتين، وستسعى للتحكُّم بالقرار السياسي، وستستمر في مساعي إنهاء القضيَّة الفلسطينيَّة للأبد، بتهجير الفلسطينيِّين إلى خارج وطنهم، أو إبادتهم جماعيًّا، مع هدم المسجد الأقصى، وتهويد وتدنيس كامل القُدس، وستغتالُ كلَّ مَن يقاومها بسلاحها الأمريكيِّ المتفوِّق، وستستمرُّ في تجسُّسها على الدول العربيَّة، وتسليط أخطبوطها الاستخباراتيِّ المزروع كالسَّرطان الخبيث في أنحاء المشرق العربيِّ رغم مساحته الشَّاسعة!. والعرب ليس لهم خيار سوى نبذ الخيارين التقليديَّين الآخريْن، وأقصد الاصطفاف مع إيران، أو مع إسرائيل، وتبنِّي خيار ثالث، وهو ألَّا يكون هناك تغوُّل أجنبي في مشرقهم، مِنْ كائنٍ مَنْ كان، وأنْ يستقووا ذاتيًّا انطلاقًا من دينهم، ووحدتهم، وحضارتهم، وتاريخهم العريق، فيُفسدُوا أجندات المتغوِّلين والمُستغْوِلِين، فمشرقهم هو أرضهم ومقدَّساتهم وثرواتهم، وهم أولى بحمايته وسيادته، وقد جاوز الصهاينة المدى، فحقَّ التصدِّى وحقَّ الفِدَا.