وسط ضغوط جدول الدروس، من يهتم بصحة الطالب النفسية؟

لا يُمكن إنكار حجم الجهد الذي تبذله وزارة التعليم، ولا حجم التحوُّلات التي يمرُّ بها نظامنا التعليمي، في سبيل التَّحديث والتَّطوير، نُدرك ذلك جيدًا، ونعلم أنَّ القرارات لا تأتي عبثًا، وأنَّ خلف كلِّ جدولٍ دراسيٍّ ساعاتٍ طويلةً من التخطيط والاجتماعات والتقارير… لكنْ، في خضمِّ كلِّ هذا الانضباط المؤسسيِّ، هناك شيء ما يُفلت من الحسابات: الإنسان داخل المدرسة. كثيرة هي الأصوات التي تحدَّثت عن نظام الفصول الدراسيَّة الثلاثة، ومعظمهم من أهل الميدان: معلمون، أولياء أمور، طلاب، مختصون… وأنا لا أزعمُ أنَّني أضيفُ جديدًا، لكنَّني أحاول فقط أنْ ألفتَ النَّظرَ إلى ما يُمكن أنْ يكون قد غاب في زحمة التقويم.
ليس الحديث هنا عن زيادة عدد الأيَّام أو تقليلها، ولا عن توزيع الإجازات، أو ترتيب الأسابيع، بل عن السؤال الذي لم يُطرح بما يكفي: هل نمنح الطالب وقتًا كافيًا ليستوعب إيقاع هذا النظام التعليميِّ؟ هل نُعطيه مساحةً ذهنيَّةً ونفسيَّةً لينمو داخل الفصل، لا ليُرهق به؟
الطالب ليس جدولًا يُملأ، ولا معادلة تحلُّ في ضوء كفاءة التخطيط فقط… هو كائنٌ له إيقاعه، له سياقه الأسريُّ، له طاقته التي لا تُقاس فقط بعدد الحصص، ولا تُستوعب تمامًا عبر مؤشِّرات الأداء.
ندرك أنَّ نظام الفصول الثلاثة لا يُصمَّم في يوم، ولا يُلغَى في تغريدةٍ، لكن مراجعته -كما أظنُّ- ليست عيبًا ولا ضعفًا، بل علامة نضج؛ لأنَّ التعليم لا يُقاس فقط بما ننجزه من وحدات ومقرَّرات، بل بما نتركه في نفس الطالب من أثرٍ، ومن وعيٍ، ومن ذكرياتٍ.
وربما نحتاج، ونحن نُجري مراجعاتنا السنويَّة، أنْ نُضيف إلى أوراقنا بندًا صغيرًا، لكنَّه شديد الأهميَّة: مراجعة النفسيَّة العامَّة للطَّالب والمعلِّم معًا.
فلا معنى لتقويم لا يُراجع مَن يعيش تحت ثقله يوميًّا، ولا فائدة من خطَّة دراسيَّة تُنتج معرفةً متعبةً، وحضورًا جسديًّا غائبًا عن الفهم، والتفاعل، والحياة.