الصواريخ المدارية

في عالم تتسارع فيه سباقات التسلُّح، وتتعقَّد فيه موازين القوى، تبرز الصواريخ الباليستيَّة كأحد أكثر الأسلحة تأثيرًا في السياسة الدوليَّة، والردع العسكريِّ، فهي ليست مجرَّد أدوات حرب، بل رسائل إستراتيجيَّة تحمل في طيَّاتها ملامح القوة والنفوذ.
الصاروخ الباليستي هو نوع من الصواريخ التي يُطلق على مسارها المنحني، حيث يبدأ بدفع قوي باستخدام محرِّكٍ صاروخيٍّ خلال المرحلة الأولى، ومن ثم ينفصل المحرِّك ليواصل الرأس الحربي طريقه نحو الهدف بفعل الجاذبيَّة، فبهذه التقنية يجعل من الصعب اعتراض الصاروخ بمجرَّد دخوله مرحلته الأخيرة.
وتنقسم الصواريخ الباليستيَّة إلى أربعة أنواع رئيسة؛ وفقًا لمدى الوصول، فهناك قصيرة المدى (أقل من 1000 كيلومتر)، ومتوسطة المدى (1000- 3000 كم)، وبعيدة المدى (3000 – 5500 كم)، وعابرة للقارات (أكثر من 5500 كم)، ويعتبر النوع الأخير الأكثر خطرًا؛ نظرًا لقدرته على ضرب أهداف بعيدة جدًّا، غالبًا برؤوس نوويَّة.
الدول الكُبْرى مثل الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، تمتلك مخزونًا ضخمًا من هذه الصواريخ، وتمتلك بعضها منصَّات إطلاق بريَّة وبحريَّة وجويَّة بالمقابل تحاول دول مثل كوريا الشماليَّة، وإيران تطوير قدراتها الباليستيَّة لتحقيق توازن رادع مع خصومها، أو فرض حضورها السياسي في الإقليم.
وتُعدُّ الصواريخ الباليستيَّة تحدِّيًا كبيرًا حتى لأكثر أنظمة الدفاع الجويِّ تطوُّرًا؛ بسبب سرعتها الهائلة، ومسارها المعقَّد؛ لذلك طوَّرت دول مثل الولايات المتحدة، وإسرائيل، وروسيا أنظمة دفاع مثل باتريوت، القبة الحديديَّة، THAAD وS-400، لمواجهة هذا النوع من التهديدات.
رغم أنَّ الهدف المعلن من امتلاك هذه الصواريخ هو «الردع ومنع الحروب»، إلَّا أنَّ مجرَّد استخدامها في التجارب، أو عرضها في المناورات العسكريَّة، قد يثير توترات دوليَّة خطيرة، إذ يكفي إطلاق صاروخ واحد لاختبار قدرته ليُنظر إليه كعمل استفزازيٍّ أو تمهيدٍ لضربة مقبلة.
في نهاية المطاف، تمثل الصواريخ الباليستية أحد رموز القوة الإستراتيجية في العالم المعاصر، لكنَّ خطورتها تكمن في أنَّ امتلاكها دون ضبط أو رقابة قد يؤدِّي إلى عواقب لا تُحمد عقباها، خصوصًا في ظل وجود أنظمة سياسيَّة مضطربة، أو صراعات إقليمية ملتهبة.