فَهمْ..!!

عبر مقابلة تلفزيونيَّة، أجرتها مذيعة بريطانيَّة مع امرأة صهيونيَّة تسكن إحدى المستوطنات، أو المُغتصبات، في فلسطين المحتلَّة، جرى حوار صريح أشكر عليه هذه المرأة، فالتعامل مع العدوِّ عندما يكون صريحًا يكون أسهل منه عندما يشوبه معسول الكلام، وهذا هو حال الصهاينة، منذ أنْ اُبْتُلِيت البشريَّة بهم، وما زالت مُبتلاة، لاسيَّما الفلسطينيِّين وباقي العرب والمسلمين.

لقد سألتها المذيعة عن غزَّة، ماذا بعد؟ فردَّت المرأة وكأنَّها تقرأ من ورقة: يجب على الفلسطينيِّين أنْ يتركوا غزَّة، طوعًا أو قسرًا، إذا ما أرادوا الحياة!. فسألتها المذيعة: ولكن أليس هذا تطهيرًا عِرقيًّا؟ فردَّت المرأة مرَّة أُخْرى وبصراحة شديدة، وبالحرف الواحد: اعتبريها تطهيرًا عِرْقيًّا، أو إبادة جماعيَّة، أو أيِّ مُصطلح آخر، فأنا لا أهتمُّ، قالتها باللغة الإنجليزيَّة بدلًا من اللغة العِبريَّة (I don’t care)؛ لتضمن وصول الرسالة للعالم بأسره، ثمَّ أردفت قائلةً: غزَّة مُلْك لليهود، ومعها كلُّ فلسطين والقدس وكلُّ الأرض المقدَّسة من البحر إلى النهر التي كتبها الله لنا، في إشارة لا تخفى على ذي لبيب إلى أجزاء واسعة من دول عربيَّة غير فلسطين، ممَّا تُجاور فلسطين المحتلَّة مباشرة أو غير مباشرة!.

أنا سمحت لنفسي بالتخيُّل في زمنٍ نعيش فيه الواقع المرير مع هذه الدولة الغاشمة المدعومة بشريًّا وماليًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا من أقوى دول الغرب والشرق، وعلى رأسها الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وإيطاليا وبولندا والمجر والهند وغيرها، إذ لو تمكَّنت إسرائيل -لا قدَّر الله- من تهجير فلسطينيي غزَّة لخارجها، ولم تُواجه مَن يردعها، فستقول باللغة العِبريَّة (يَفِهْ) أي جميل!. وستبدأ بالجزء الثاني الذي يخصُّ الضفَّة الغربيَّة والقدس، فإنْ فعلته ولم تُواجه مَن يردعها، فستقول (يَفِهْ)!.

وستبدأ بالجزء الثالث وهو من البحر إلى النهر، والبحر هو البحر الأبيض المتوسِّط، وهو كذلك البحر الأحمر، أمَّا النهر فهناك نهران هما نيل مصر، وفُرات العراق، وما بينهما من أراضٍ عربيَّة شمالًا وجنوبًا، وشرقًا وغربًا، فإنْ فعلته فستقول (يَفِهْ)، وستصبح مملكة اليهود الثالثة.

عفوًا، هذا خيال، لكنَّه بالنسبة لليهود الصهاينة، وعد مزعوم من الله، ونصٌّ توراتي مقدَّس ولو كان مُحرَّفًا، وبروتوكولًا تلموديًّا واجب التحقيق، ولدى الصهاينة قنابل نوويَّة يُقال إنَّها فوق المئة قنبلة؛ ممَّا تكفي لتدمير مئة مدينة عربيَّة على الأقل، بينما لا يملك العرب قنبلة واحدة فقط!. وينظر الصهاينة للعرب نظرة الرجل الأبيض إلى الأفارقة قبل ٣٠٠ سنة، أو في العصور الوسطى، أي نظرة السيِّد للعبد، ويؤمنون وهذا هو الأخطر بالتوافق مع المسيحيين اليمينيين، أو الإنجيليين المتطرِّفين أنَّ المسيح عيسى بن مريم -عليهما السلام- لن يظهر للوجود مرَّة أخرى إلَّا بعد مقتلة عظيمة هم أبطالها تصيب أعداءهم الذين ببساطة هم العرب والمسلمون!.

لكن على العرب والمسلمين ألَّا يقلقوا، فليس ما يُخطِّط له الصهاينة هو من عند الله الذي أمر المؤمنين ألَّا يتنازعوا فيفشلوا وتذهب ريحُهم، بل يتَّحدوا ويعتصموا بحبل الله لمواجهة حازمة بكلِّ ما أوتوا من عدَّة وعتاد واقتصاد لهذه المُخطَّطات التي خرجت من جحورها كما تخرج ثعابين الأناكوندا من مستنقعاتها القذرة بعد بيات طويل، تريد بلع فرائسها، ولو اتَّحد العرب والمسلمون فسينقلب السحرُ على الساحر والمُخَطَّطُ على المُخِطِّطِ، وبحول الله سيقول العرب والمسلمون في النهاية السعيدة: (يَفِهْ)، وبكلِّ اللغات!.

وسوم: