لضمان نجاح المنتخب الوطني للرجال، ماذا يحدث إذا غابوا؟

فَرَغْتُ من أداء صلاة فجر يوم الجمعة الماضي، بُعيْد الساعة الخامسة صباحًا، وكنتُ أنوي ممارسة المشي في شوارع جدَّة الهادئة في هذا الوقت المُبكِّر، بيْد أنَّي تذكَّرْتُ مباراة المنتخب السعودي ضدَّ المنتخب الأمريكيِّ ضمن بطولة الكونكاكاف في ولاية تكساس الأمريكيَّة، وكانت تُذاع حينها على الهواء مباشرة لفارق التوقيت بين البلدين، فنهارُنا ليلٌ عند الأمريكيِّين وليلُنا نهارٌ عندهم، وهذا من آيات الله الذي خلق الكون في نظامٍ بديعٍ ودقيقٍ.
وكانت المباراة قد وصلت لدقيقتها السبعين من عمرها التسعينيِّ، وانتهت بفوز المنتخب الأمريكي بهدف واحد من تمريرة عرضيَّة عجز عن تشتيتها دفاعُ منتخبنا، فتندَّمْتُ على مشاهدة المباراة، ولو مارسْتُ المشي لكان أفضل لي، تحسينًا لصحَّتي، وتشتيتًا لأيِّ أمراضٍ عرضيَّةٍ، بمشيئةِ الله.
وكم تحسَّرْتُ على جمهورنا السعودي الذي منذ سنوات طويلة يكتفي بالتجوال في ملاعب الدنيا خلف منتخبنا دون نيل بطولة، وصارت خسائر منتخبنا مُكرَّرة ومألوفة، ووجع قلوبنا عليه أمسى بلا صراخ، حتَّى من المنتخب الأمريكي الذي وصلته كرة القدم متأخَّرة؛ ولا يُصنَّف ضمن مراكز القُوَّة في كرة القدم العالميَّة مثل منتخبات أوروبَّا على سبيل المثال. وأذكر أنَّ منتخبنا حين كان سيَّدًا مُهابًا في آسيا قد هزمه ٣/ صفر في أولى بطولات كأس القارَّات عام ١٩٩٩م، واعترف المدرِّب الأمريكي -آنذاك- أنَّنا علَّمناه كيفيَّة لعب كرة القدم، ولكن (ليس الفتى مَن قال كان أبي؛ بل الفتى مَن قال هآنذا).
وأعتقد أنَّ الاتحاد السعودي الحالي لكرة القدم قد استنزف كلَّ ما في جُعبته خلال سنوات كثيرة، لكن بلا نتائج ملموسة، وهذا في عُرْف الإدارة يعني فشلًا ذريعًا، ليس في الأشخاص، بل في عملهم، لئلَّا يُظَنُّ أنَّني أُشَخْصِنُ الأمور، فمتى يترجَّل هذا الاتحاد؟ فيستقيل، أو يُقال، أو يُنتخب آخر؟ ويأتي اتحاد جديد بفكرٍ آخرَ، وتخطيط أفضل، يناسبان المرحلة الحالية، ووجود مناسبات كُبْرى مقبلة أهمُّها تصفيات كأس العالم ٢٠٢٦، وكأس آسيا ٢٠٢٧، وكأس العالم ٢٠٣٤ التي سنستضيفها في ربوع الوطن؟.
فبأمانة وصراحة، لقد فقد منتخبنا شخصيَّته الكرويَّة الرفيعة؛ بسبب أداء هذا الاتحاد، ولم يستفد منتخبنا من قوَّة الدوري السعودي المحلِّي، وطفرة احتكاك لاعبيه باللاعبين الأجانب المميَّزين والكثيرين فيه.
وحرام أنْ يُكافأ الجمهور السعودي بالخُذلان، ويُستهان بحبِّه وعشقه للمنتخب، ولنجاح المنتخب رجال، فإنْ غابوا حضرت الإخفاقات والفشل.
مطلوب بشدَّة: منتخب الماضي، ولكن للحاضر والمستقبل.