«أندرياس سالومي»: سيدة الفلاسفة الجذابة!

«أندرياس سالومي»: سيدة الفلاسفة الجذابة!

وُلِدَت الكاتبة والمفكرة الروسية «لو أندرياس سالومي» عام 1861م، في مدينة «سانت بترسبورغ»، ثاني أكبر مدينة في روسيا بعد موسكو، في أسرة مثقفة تعود أصولها إلى شمال ألمانيا، وكانت الابنة الوحيدة التي أتت بعد خمسة أبناء ذكور، درست الفلسفة، والدين، وكتبت في علم النفس، والأدب، وكانت من أوائل النساء اللواتي دخلن في مجال علم التحليل النفسي إلى جانب عالم النفس الشهير «سيغموند فرويد».

تحدت «سالومي» الأعراف السائدة في تلك الفترة، وعاشت حياتها كما تُفكِّر، لا كما يُرَاد لها، واشتهرت بقدرتها على مرافقة عظماء الفلاسفة والأدباء والشعراء، وكان من أبرز أصدقائها الحميمين «نيتشه» و»فرويد» والشاعر النمساوي «ريلكه»، والفيزيائي الفيلسوف الألماني «بأول ري»، تميزت بصفاتٍ من بينها إشعاعها الشخصي وثقافتها وحيويتها، وصداقتها مع مشاهير عصرها من الكتاب، وطريقة حياتها غير التقليدية. في عام 1882م، التقت «سالومي» الفيلسوف والناقد الألماني الشهير «فريدريك نيتشه»، الذي وقع في حبها، وطلب منها الزواج أكثر من مرة، لكنها قابلت كل طلباته بالرفض.

وعوضاً عن ذلك، اقترحت «سالومي» على «نيتشه» وعلى صديقه الفيلسوف «بأول ري»، إنشاء (مجموعة فكرية) تقوم على الصداقة والتبادل الثقافي والفكري، وليس على الزواج.

تسبب رفض «سالومي» للزواج من «نيتشه» في ترك جرح عميق لديه، ظهرت ظلالها بعد ذلك في كتاباته ومؤلفاته، وربما في نظرته للنساء عموماً.

التقت «سالومي» عام 1897م، الشاعر النمساوي «راينر ماريا ريلكه»، الذي كان يصغرها بخمسة عشر عاماً، علَّمته اللغة الروسية، ورافقته في الكثير من رحلات التأمل الفكرية؛ لم تكن فقط ملهمته، بل مرشدته، وظلت مرجعه العاطفي والفكري، حتى بعد أن تم الانفصال بينهما.

كانت «سالومي» من أوائل النساء اللواتي انضممن لدائرة التحليل النفسي بقيادة عالم النفس «سيغمون فرويد»، حيث تبادلت معه أفكاراً عن النفس والجنس، والإبداع، وكتب «فرويد» عنها أنها ليست مجرد تلميذة عنده، بل زميلة فكر، قامت بتأليف كتباً تركت أثراً بارزاً في علم النفس من منظور نسائي وفكري مستقل.

عاشت «سالومي» متحررة ومثقفة، امرأة رفضت الأدوار التقليدية، عاشت زواجاً بلا علاقة جسدية، لأنها كانت ترفض الأمومة والزواج، كما يُفرَض على النساء، كتبت عن الحب والرغبة والإبداع، وسكنت التاريخ كصوت أنثوي فريد وسط صخب الرجال.

توفيت «لو سالومي» في 5 فبراير 1937م، في سن يقارب السابعة والسبعين، وعندما سمع «فرويد» بخبر وفاتها كتب نعياً، جاء فيه: «لا أبالغ إذا قلت بأننا جميعاً شعرنا بالشرف عندما انضمت إلى صفوفنا، كانت رفيقة السلاح، وفي الوقت نفسه ضمانة جديدة لصحة نظريات التحليل النفسي».

حفظ لها التاريخ الأدبي رسائلها مع العديد من المشاهير، فلها روايات وقصص ومقالات ونقد مسرحي وكتابات ومن أعمالها الأدبية: الشخصيات النسائية عند رائد المسرح الواقعي «هنريك إبسن»، وكتبت أكثر من عشر روايات منها: «إيم كفاحي غوت»، و»فينتشكا»، ومن أعمالها أيضاً كتاب عن صديقها «نيتشه» عام 1894م، إضافة لتحرير مذكرات عن صديقها المقرب مدى الحياة وعشيقها السابق الشاعر «ريلكه» بعد وفاته عام 1926م، وكتابها بعنوان «لبيرسكوبيك» الذي كتبته في سنواتها الأخيرة.