حقوق المساهمين في الشركات ودور مجالس الإدارة

حقوق المساهمين في الشركات ودور مجالس الإدارة

انتهى موسم الحجِّ -بفضل الله وتوفيقه- بنجاحٍ باهر، وفقًا لما خطَّطت له الدولة من تنظيمات في كافَّة المجالات الخدميَّة وأهمُّها الأمن، وكانت حملة: (لا حجَّ بلا تصريحٍ) شرارة النجاح‏. ولا ننكر جهود شركات الحجِّ في تقديم الخدمات، وبذل الغالي والنفيس، وتوفير أرقى الخدمات لضيوف الرَّحمن.. ‏ولكن لابُدَّ لنا من وقفات مع بعض هذه الشركات، وخاصَّةً تلك التي تأسَّست بناءً على نظام مقدِّمي خدمات الحجَّاج بالمرسوم الملكيِّ رقم م/ ١١١، وتاريخ١٧ /٩/ ‏١٤٤٠، وتطوير المؤسَّسات من مؤسَّسات أفراد إلى شركات، حيث يبقى المساهمون هُم المُلَّاك لهذه الشركات، فهم يمتلكون رأس المال، ولهم الكثير من الحقوق المُهدَرة، ‏وليس أقلها تقديرهم، والرد على خطاباتهم رسميًّا، خاصَّةً الموجَّهة لرئيس الشركة، ولا يُترك الرد عليها لموظَّف علاقات المساهمين.. بل واطلاعهم على أعمال الشركة من خلال اجتماعات وديَّة دوريَّة، وهو ‏ما تقوم به بعض الشركات، وهناك آخرون لا يلقون ‏للمساهمين بالًا، ‏بالرغم من مشكلات يتم رصدها والتفاعل معها في مواقع التواصل الاجتماعيِّ، وبدلًا من ‏كسب ودِّهم، وشرح الوضع لهم، تتقدَّم بعض الشركات على المساهمين بشكاوى في الشرطة، وتقيم عليهم دعاوى في المحاكم؛ ممَّا أَفْقَدَ العلاقة الوديَّة بين الشركة ومساهميها،‏ بل ومقاطعة أيِّ اجتماعات؛ خاصَّةً بعد إساءة الرئيس لأحد المساهمين، والاستهزاء به علنًا.

ومع ذلك، أقامت هذه الشركة لقاءً مفتوحًا، قبل الجمعيَّة العموميَّة بأيَّام؛ لمحاولة ترميم العلاقة، وكسب ودِّ المساهمين بالموافقة على التصويت على البنود المُدرجة في جدول الأعمال، وقد نُوقشت الكثير من المشكلات المطروحة، ومنها الـ300 مليون التي ‏صُرِفَت على أنَّها استثمار، ولم تُرصد في القوائم الماليَّة!! وأنَّها تشغيليَّة، وأنَّه سيتم استعادتها خلال 5- 6 سنوات!! ‏وأنَّ المبنى الاستثماري الذي ‏كلَّف أكثر من ٢٨٠ مليون ريال، ‏ورُصِدَت قيمته ‏في القوائم المالية ٢٠٢٣م بقيمة الأرض فقط، 69 مليون ريال!! أفادت الشركة أنَّ لجنة الاستثمار قد أحضرت شركة متخصِّصة لدراسته؛ علمًا أنَّه كانت هناك شركة أُخْرى عالميَّة درست الموضوع عام 2023م، ولكن لم نُبلَّغ بأيِّ نتائج لعمل الشركة، بالرغم من الملايين التي صُرفت لهم!! كما أفادت أنَّه يصلح لأنْ يكون فندق 3 – 4 نجوم، وأنَّ تأهيل المبنى يأخذ ملايين من الريالات.. وحتمًا مثل هذه الدراسة كان يُفترض أنْ يقوم بها المجلس منذ عامه الأول، وليس بعد مرور ثلاث سنوات ونصف السنة.

‏المشكلة هي هبوط قيمة السهم في تلك الشركة، ونحن مُقبلون على الدخول في السوق الموازي -كما قرَّرت الشركة ذلك، والتصويت عليه في الجمعيَّة العموميَّة- ‏في الوقت الذي تزداد فيها المصروفات العموميَّة والإداريَّة بحوالى ١٠ ملايين، بين ‏مكافآت أعضاء مجلس الإدارة، ومصروفات، وأتعاب مهنيَّة.. ‏والمفروض أنْ ترتبط المكافآت بالإنجازات، فمتى ما كانت هناك استثمارات عالية، تُقدَّم المكافآت، وإلَّا فيكتفى برواتب متناسبة.

‏‏وبالاطِّلاع على التقرير السنوي للعام ٢٠٢٤م، ‏اتَّضح ‏أنَّ أحد أعضاء مجلس الإدارة، وهو في لجنة الحوكمة، له صلة غير مباشرة في مشروع خدمات الإعاشة في العامين 1445- 1446هـ، ويريدون التصويت على القرار! فلماذا لم يتم الإفصاح عن العقد قبل التنفيذ، وليس بعده؟ وهذا مخالف للمادة 27 من نظام الشركات الفقرات 1- 2- 3.

كما أنَّ هناك آخرين لهم صلة قرابة ومعرفة مع رئيس وأعضاء المجلس، ولهم تفضيل كمورِّدين ومقاولين، وكثير من مراكز الخدمة والتوظيف مرتبطة بمصالح وعلاقات شخصيَّة ‏من الأقارب، والمنتفعين والمطبِّلين.. وليس بناءً على الكفاءة والمهنيَّة. هذا فضلًا عن وجود ثلاثة أخوة في المجلس.. وأعطي أحدهم عضويَّة في لجنتين، وهما لجنة الاستثمار، ولجنة المراجعة.

‏وهنا تبرز أهميَّة لجنة الحوكمة في الشركة، ولوحظ أنَّ هذه اللجنة عقدت اجتماعين خلال العام ٢٠٢٤م، ‏فهل تكفي لرصد وملاءمة الإجراءات التنفيذيَّة بكلِّ صدق، وشفافيَّة، ومساءلة، وإفصاح لكافَّة الأطراف؟ وأين هم من إبلاغ أصحاب المصالح -وخاصَّةً المساهمين- بالمخاطر في الشركة؟ وأين وزارة التجارة من مراقبة أعمال الشركات؟ فهناك شركات قامت بالاستثمار في النقل، والأضاحي، والعُمرة، بل وفتح شركات فرعيَّة، واستأثرت على سوق العملاء، بينما هناك شركات ما زالت تتمسَّك بشركة واحدة يتيمة.

‏وكيف يُطلب من المساهمين الموافقة على بنود الجمعيَّة العموميَّة، والتوزيع المرحليِّ متدنٍّ جدًّا (نصف ريال)؟ ‏وهو لم يحدث في تاريخ الشركة (المؤسَّسة سابقًا)، ‏والتي وصل ‏فيها سعر السهم عام 1433هـ إلى (١٥١ ريالًا)، والإنجاز موثق.

‏ومع أنَّ الشركة تعمل منذ ثلاث سنوات ونصف السنة في النشاط، ولكن لم تحقق استثمارات مجزية للمساهمين، رغم أنَّ أكثرهم فقراء، وأرامل، وأيتام، يعتمدون على هذا الدخل كمصدر أساس في حياتهم. أعتقد أنَّ القرار بيد المساهمين في الجمعيَّة العموميَّة، ‏وهنا تبرز أمانة التصويت على القرارات ‏في تقديم المصلحة العامَّة على المصلحة الخاصَّة.. ويا أمان الخائفين.