إمام الأزهر: الدعوة الإسلامية تقوم على الأخلاق الفاضلة كما تجلى في نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم

إمام الأزهر: الدعوة الإسلامية تقوم على الأخلاق الفاضلة كما تجلى في نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، ودار موضوعها حول أخلاق النبي محمد ﷺ.

وقال خطيب الجامع الأزهر، إن وصف النبي ﷺ جاء في الذكر الحكيم في سورة القلم  في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، وهي وثيقة ربانية للرسول ﷺ تتضمن شهادة الحق سبحانه وتعالى لنبينا الكريم، بل إن شهادات غير المسلمين كانت تؤكد هذا المعنى الرباني الراقي، فعم النبي ﷺ يقول: ما جربنا عليه كذبًا قط، كلهم شهدوا له بحسن الخلق قبل البعثة، وفي هذا دلالة على أن هذا الدين قام على حسن الخلق.

وأوضح خطيب الجامع الازهر أن حسن الخلق جِماعه أمران: حسن الخلق مع الله، وحسن الخلق مع الناس، أن تحسن العبادة لله وكل الخلق، هذا هو الدين، وهذا ما وصف الله به النبي ﷺ، فحسن الخلق مع الله أن يؤمن العبد بأن كل ما يكون منه لله يوجب عذرًا، فكل طاعة مهما كانت، كلها تقصير، فلا يفتتن أحد بطاعة قدمها لله، بل عليه أن يشعر بأنه مقصر دائمًا، وأن يؤمن العبد بأن كل ما يكون من الله يوجب شكرًا، خيرًا كان أم غير ذلك، فرب العباد لا يريد لنا إلا كل خير، يقول ﷺ: عجبت لأمر المؤمنِ، إنّ أمرَهُ كُلَّهُ خيرٌ، إن أصابه ما يحب حمدَ اللَّهَ وَكانَ لَهُ خيرٌ، وإن أصابه ما يكره فصبر كانَ لَهُ خيرٌ، وليسَ كلُّ أحدٍ أمرُهُ كلُّهُ خيرٌ إلّا المؤمنُ.

خطيب الجامع الأزهر: الدين الإسلامي تأسست دعوته على حسن الخلق وهو ما ظهر في شخص رسولنا الكريم 

وفي سياق تفصيله لحسن الخلق مع الخلق، بين خطيب الجامع الأزهر أن جِماعه أمران: الأول: بذل المعروف قولًا وفعلًا، أن تعيش وعينك على المعروف تصنعه للكل، من يستحقه ومن لا يستحقه، كما كان شأن النبي ﷺ، دون انتظار كلمة شكر، والثاني: كف الأذى قولًا وفعلًا، وأن تقدم النصيحة التي نصح بها المصطفى ﷺ حين قال: اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا، وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ، فانتهى شرح الدين واجتمع في هذا الأمر، ومن فعل ذلك وعاش على حسن الخلق مع الله والخلق ارتفع شأنه في الدنيا، وكان شأنه في الآخرة أرفع، ويقول ﷺ: إنَّ أحبَّكم إليَّ وأقربَكم منِّي في الآخرةِ محاسنُكم أخلاقًا وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم منِّي في الآخرةِ أساوِئُكم أخلاقًا الثَّرثارونَ المُتَفْيهِقونَ المُتشدِّقونَ.

وأوصى بضرورة أن يعيش الجميع في هذه الحياة مصنع خير للناس، لا يرى فيها العبد إلا ربه ورسوله محمد ﷺ في كل شيء، لا يؤذي فيها أحدًا، ولا يبتغي فيها سوى مرضاة الله عزّ وجلَّ ورسوله، وأن يقتدي بالمصطفى ﷺ، فقد طبق ذلك كثير من صحابته ﷺ حتى صاروا في حسن الخلق أعلامًا يشار إليهم بالبنان، ومنهم عثمان بن عفان وغيره، فلنكن كذلك، فهو التأسي الصحيح بنبينا ﷺ.

وفي ختام الخطبة ذكر خطيب الجامع الأزهر الثمار التي يجنيها الإنسان من حسن الخلق، يقول تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ، فإذا أردت أن تستل سخائم النفوس، وتخرج العداوة والبغضاء منها، فواجه ذلك بالمعروف لا بالسيئة، ولتكن كما قال ﷺ: وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ، وكن على نهج الله يعصاه الخلق ويطعمهم ويسقيهم، فالله لا يواجه السيئة بالسيئة، بل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.