تقدم التصحر في تونس: خطر خفي على البيئة والموارد الغذائية

أقرت وزارة البيئة التونسية بأن 80% من الأراضي باتت مهددة بخطر التصحر، خصوصًا تلك الواقعة تحت تأثير المناخ الجاف (في محافظات جنوب البلاد) وشبه الجاف (في محافظات الوسط).
وفقا للبيانات الرسمية من الحكومة التونسية صنفت تونس ضمن أكثر دول جنوب البحر المتوسط تضررًا من هذه الظاهرة.
وأكدت الوزارة أن نحو 74% من أراضي البلاد أصبحت هشّة، جراء عوامل متعددة منها: الرعي الجائر، تملح التربة، والجفاف. كما أن 52% من المساحات الإجمالية للبلاد معرّضة للانجراف المائي، في حين تُصنّف 4% من الأراضي المزروعة بأنها ذات ملوحة عالية، بينما تتعرض 45% من الأراضي لانجراف هوائي شديد وزحف الرمال.
وتؤكد المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، التابعة للأمم المتحدة، أن التصحر لا يعني فقط زحف رمال الصحراء نحو الأراضي الزراعية، بل هو ظاهرة تصيب أي أرض في المناخات الجافة أو شبه الجافة، والتي كانت تدعم في السابق الغطاء النباتي.
وقال الصغير النجاري، المدير العام لمعهد المناطق القاحلة بمدنين (جنوب شرقي تونس)، إن التصحر يمثل تهديدًا مباشرًا لثلاثة أخماس الأراضي التونسية، بما في ذلك أراضٍ في الشمال والوسط.
وأوضح في تصريحات لـ”العين الإخبارية” أن التصحر يهدد 23.2% من أراضي الشمال والوسط بدرجة متوسطة، مشيرًا إلى أن مؤشرات التصحر في تزايد متواصل.
وبيّن أن خمس أراضي تونس صحراوي بطبيعته، وخُمس آخر يتأثر بالتصحر، بينما 6% فقط غير متأثرة.
واعتبر أن التصحر ظاهرة عابرة للحدود، مما يستوجب توحيد الجهود الإقليمية والاستفادة من البحوث العلمية، مع ترشيد استغلال الموارد الهشة، وتبني أنماط زراعية مرنة، والتشجير بالنباتات المقاومة للجفاف، إضافة إلى التحكم في الانجرافات والاستخدام الأمثل للموارد المائية.
وأضاف أن للتصحر آثارًا طويلة الأمد على التنوع البيولوجي، إذ لا يمكن استعادة الأراضي المتصحرة، مما يؤدي إلى خسارة ثرواتها الطبيعية.
من جانبه، قال الخبير البيئي عادل بن سليمان إن التصحر يعني تدهور الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، ما يؤدي إلى فقدان الغطاء النباتي والتنوع الحيوي، ويقلل من قدرة الأرض على الإنتاج الزراعي ودعم الحياة.
وأكد لـ”العين الإخبارية” أن ظاهرة التصحر تهدد الأمن الغذائي للبلاد، موضحًا أن الأراضي الزراعية التونسية تعاني من تدهور في الجودة والخصوبة.
وأشار إلى أن التربة لم تعد تحتوي على ما يكفي من العناصر الخصبة، وأن نسبة المواد العضوية في التربة التونسية لا تتجاوز 1%.
وأوضح أن التصحر ظاهرة قديمة، برزت في تونس منذ أكثر من 20 عامًا، داعيًا إلى اعتماد مقاربات حديثة تتلاءم مع التغيرات المناخية، بهدف تأمين الأمن الغذائي.
وشدد على أن الحل لمواجهة التصحر والجفاف يكمن في المحافظة على ديمومة الأراضي واستصلاح المتدهور منها، بما يفتح الباب أمام تنمية مستدامة.