دعوى من رئيس الوفد تطالب الحكومة بإعادة 658 مليون جنيه تم الاستيلاء عليها في عام 1953

دعوى من رئيس الوفد تطالب الحكومة بإعادة 658 مليون جنيه تم الاستيلاء عليها في عام 1953

يمامة: لمصادرة قرار ذو طابع سياسي يخضع لرقابة القضاء

أقام الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد، دعوى أمام محكمة القضاء الإداري حملت رقم 63071 لسنة 79 ق بتاريخ 28 مايو 2025، ضد كل من رئيس مجلس الوزراء بصفته، ووزير المالية بصفته، ورئيس لجنة شؤون الأحزاب بصفته، مطالبًا بإلغاء قرار الاستيلاء والمصادرة الصادر من مجلس قيادة الثورة بموجب المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953 الصادر في 18 يناير 1953، بشأن أموال ومقار حزب الوفد. وشدد الدكتور عبدالسند في دعواه على إلزام الجهة الإدارية برد الأموال المستولى عليها وتعويض الحزب عن الأضرار المادية والمعنوية الناجمة عن ذلك.

وأكد رئيس حزب الوفد، في بيان له اليوم، أن هذه الدعوى جاءت من أجل تاريخ حزب الوفد، ماضيه ومستقبله، ولعل دعوانا هذه تُعد فريدة من نوعها في موضوعها، فبعد مرور أكثر من 73 عامًا، وبناءً على ما أسفرت عنه انتخابات الجمعية العمومية (الهيئة الوفدية) التي أُجريت في 11 مارس 2022، والمعتمدة من لجنة الأحزاب السياسية في جلسة 8 مايو 2022، والتي أعلنت فوز الدكتور عبدالسند يمامة برئاسة حزب الوفد، فإن هذا المنصب يُلقي على عاتقه أمانة الحفاظ على أموال الحزب باعتبارها أموالًا عامة، وضرورة العمل على استرداد ما سُلب من الحزب من أموال ومقار. وقد قام بتحرير صحيفة هذه الدعوى بنفسه للمطالبة بحقوق الحزب.

وأشار إلى أن موضوع الدعوى هو المطالبة بإلغاء قرار الاستيلاء والمصادرة الصادر من مجلس قيادة الثورة بموجب المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953 بتاريخ 18 يناير 1953، على أموال حزب الوفد، وإلزام الجهة الإدارية برد الأموال المستولى عليها وتعويض الحزب عن الأضرار المادية والمعنوية الناجمة عن ذلك.

أما عن وقائع الدعوى، فقد أوضح رئيس الوفد أنه بتاريخ 9 ديسمبر 1953، صدر أمر بقانون رقم 17 لسنة 1953 بحل حزب الوفد ومصادرة أمواله ومقاره دون حكم قضائي، بالمخالفة لما نص عليه قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977، فضلًا عن مخالفته الصريحة لنصوص المواد 35 و75 من دستور 2014. وقد استولت الدولة على جميع ممتلكات الحزب من عقارات وأموال منقولة وأرصدة بنكية، وظلت هذه الأموال في يد الإدارة الحكومية بلا سند قانوني أو حكم قضائي حتى الآن.

وأضاف: “لقد فوجئت بطلب عجيب من رجال ثورة يوليو 1952، لتطهير نفسي مما سموه «العناصر الفاسدة»، ولم يستجب الوفد لهذا الطلب، وفكر زعيمه مصطفى النحاس وسكرتيره العام فؤاد سراج الدين في التنحي عن مناصبهما في الحزب، وكان لحزب الوفد آنذاك هيكل تنظيمي ممتد من العاصمة إلى الأقاليم، وكان يمتلك حسابات بنكية جاءت من اشتراكات وتبرعات أعضائه، وكان بعض كبار رجاله مكلفين بالصرف على الأنشطة المختلفة للحزب، وكل ذلك تحت رقابة وزارة الداخلية”.

وتابع: “خشية من الاتهام والافتراء، قام رئيس الحزب بإيداع مبلغ 90,845 جنيهًا في بنك مصر، وكان الجنيه المصري حينها يعادل جنيهًا ذهبًا، وأخطر وزير الداخلية بذلك، إلا أن النية كانت مبيتة لمصادرة أموال الحزب ومقاره. فبحلول عام 1952، كان لحزب الوفد 167 مقرًا، وقامت وزارة الداخلية ببيع مطبعة الوفد (جريدة المصري) في مزاد علني، وحصلت على قيمتها، كما صادرت المقر الرئيسي المعروف بالنادي السعدي، الذي كانت قيمته تقدر آنذاك بـ45 ألف جنيه. وذلك على النحو التالي: 17 يناير 1953 مصادرة المقر الرئيسي، 5 فبراير 1953 بيع المطبعة، 12 مارس 1953 تجميد الحسابات البنكية ومصادرة باقي المقار. وقد نُشرت هذه الإجراءات في جريدة الأخبار، ومنها ما ورد بالعدد الصادر في 28 سبتمبر 1952، إلى جانب بيان من وزير الداخلية يهاجم فيه باسم الحكومة موقف النحاس”.

وأشار الدكتور عبدالسند يمامة إلى أن يد الإدارة على أموال الوفد مصادرة غصبًا منذ عام 1952، وما زالت كذلك حتى الآن، مما يعني أن التقادم لا يسري على هذا الغصب المستمر، استنادًا إلى المادة 382/1 من القانون المدني، والتي تنص على: «لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيًا». ولا شك أن هناك مانعًا ماديًا وأدبيًا حال دون مطالبة الحزب باسترداد أمواله، وهو ما أيدته المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4231 لسنة 61 ق بجلسة 16 نوفمبر 2016، حيث قررت أن الغصب المستمر يمنع التقادم، وأن القرار الإداري المنعدم لا يصححه مرور الزمن.

وأضاف: “تكييف القرار محل الطعن باعتباره استيلاءً ومصادرة، لا يمكن اعتباره عملاً سياديًا حقيقيًا من قبيل العلاقات الخارجية أو إعلان الحرب أو إعلان حالة الطوارئ، التي تُستبعد من رقابة القضاء، وإنما هو قرار إداري ذو طابع سياسي، تدل على طبيعته الأحداث التي صدرت بمناسبتها، ما يؤكد خضوعه لرقابة القضاء، خاصة وأنه يمثل عدوانًا على أموال الحزب بوضع اليد بغير سند، وهو ما يُعد خطأ جسيمًا يوجب التعويض الكامل، سواء من حيث رد الأموال وقيمة العقارات أو من حيث التعويض الأدبي والكسب الفائت، وفقًا لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا، لا سيما في الطعن رقم 16298 لسنة 63 ق بجلسة 27 أكتوبر 2020”.

كما أشار إلى أن ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا يتفق مع أحكام مجلس الدولة الفرنسي بشأن تعويض الأضرار الناجمة عن أعمال الحكومة (Actes de Gouvernement)، والذي أكد في قضية:
Societé EKY, CE, 12 février 1960
أنه رغم الطبيعة الدستورية لبعض المبادئ مثل الأمن القومي، إلا أن ذلك لا يمنع القاضي الإداري من مراقبة احترام الحقوق الأساسية الناتجة عن تنفيذها.

وأوضح أن الاستيلاء الواقع مخالف للقانون، حيث إن الحل الإداري أو العسكري بات محظورًا، وأي مساس بأموال الحزب يشترط حكمًا قضائيًا نهائيًا. كما أن قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته حتى 2019 يجيز حل الحزب فقط بحكم من دائرة الأحزاب بالمحكمة الإدارية العليا في حال مخالفته للأمن أو الوحدة الوطنية، وفي حال الحل، تتولى لجنة التصفية المنصوص عليها بالمادة 25 إدارة الأموال وتوجيهها.

واستطرد: “لا يجيز القانون مصادرة مباشرة لأموال الحزب أو نقلها إلى الخزانة العامة دون إجراءات تصفية وحكم قضائي”.
وقد سبق لمحكمة القضاء الإداري أن ألغت قرار وزير الشؤون الاجتماعية بالاستيلاء على أموال “جمعية الوفد” بتاريخ 3 أبريل 1984، لصدوره دون سند من قانون الأحزاب، وأمرت برد المقر.
كما رفضت المحكمة الإدارية العليا طعنًا لحل حزب الوفد الجديد، مؤكدة أن الحل لا يكون إلا بوجود مخالفة جسيمة وحكم نهائي، وأن الأموال لا تُمس إلا عبر لجنة تصفية قضائية (الإدارية العليا – طعن 6 لسنة 28 ق).

وبالنظر إلى أن المبلغ الذي استولت عليه الحكومة هو 90,845 جنيهًا (تسعون ألفًا وثمانمائة وخمسة وأربعون جنيهًا)، والذي أودعه رئيس الحزب في بنك مصر بتاريخ 28 سبتمبر 1952، فإن قيمته اليوم تُقدّر بنحو 65,830,000 جنيه (خمسة وستين مليونًا وثمانمائة وثلاثين ألف جنيه مصري) أو نحو 13 مليون دولار أمريكي.

ولما كان القرار محل الطعن منعدمًا لمخالفته الدستور وافتقاره للمشروعية، وثبوت الخطأ الذي يوجب مسؤولية الحكومة، فإن ذلك يقتضي تعويضًا كاملاً، مع عدم سريان التقادم، وثبوت حق حزب الوفد في اللجوء للقضاء لحماية أمواله وحقوقه وسمعته السياسية.

وطالب رئيس الحزب في دعواه المحكمة بما يلي:

قبول الدعوى شكلًا، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار السلبي المتمثل في الاستيلاء على أموال حزب الوفد منذ 9 ديسمبر 1953 وحتى الآن.
إلغاء القرار السلبي المطعون فيه (الاستيلاء المستمر) لانعدامه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، خاصة حظر التصرف أو البيع أو التأجير لأي من هذه الأموال، وتمكين الحزب من إدارتها مؤقتًا.
أحقية حزب الوفد في رد جميع أمواله المصادرة، مع التركيز في الدعوى على رد مبلغ 90,845 جنيهًا الذي أودعه رئيس الحزب في بنك مصر في 28 سبتمبر 1952، وفقًا لقيمته الشرائية بتاريخ رفع الدعوى.
إحالة الدعوى إلى مكتب الخبراء المختص لتعيين خبير حسابي لتقدير قيمة المبلغ المصادَر بمعيار الذهب وبسعر الدولار وقت الإيداع، ثم معادلته بقيمة الجنيه المصري وقت رفع الدعوى.
إلزام المطعون ضدهم متضامنين بتعويض مادي وأدبي نتيجة وقف النشاط السياسي للحزب، وتعرض أعضائه لدعاية ممنهجة واتهامات بالفساد السياسي والإقطاع والرأسمالية، وحرمانهم من الحريات، ومصادرة جريدة الحزب، مع الاكتفاء بطلب تعويض رمزي قدره 100 ألف جنيه، والفوائد القانونية بنسبة 4٪ من تاريخ الغصب حتى السداد الكامل، مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.