الداعية محمد طاهر: وقفية "كفالة يتيم".. نموذج إسلامي لتحقيق التنمية المستدامة

الداعية محمد طاهر: وقفية "كفالة يتيم".. نموذج إسلامي لتحقيق التنمية المستدامة

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر

قال فضيلة الشيخ محمد يحيى طاهر الداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إن وقفية كفالة يتيم تعد من أعظم صور الوقف الإسلامي، حيث توفر للأيتام حياة كريمة من خلال استثمار أموال الوقف وتوجيه عوائدها لهم بشكل مستدام، بخلاف الصدقة المباشرة التي قد تنتهي بمجرد إنفاقها. وأكد أن هذه الوقفية تُحقق التكافل الاجتماعي وتُسهم في رعاية الأيتام بطريقة تحفظ كرامتهم وتضمن لهم احتياجاتهم الأساسية، من التعليم والرعاية الصحية والمعيشية.

وأوضح أن الفرق بين الوقف والصدقة المباشرة يتمثل في استمرارية النفع، فالوقف يُدار كمصدر دخل دائم، مما يُؤمن للأيتام دعماً طويل الأمد، بينما الصدقة المباشرة تُعد مساعدة لحظية لتلبية احتياجات اليتيم الحالية.
وأشار إلى أن وقفية كفالة يتيم نموذج متكامل للصدقة الجارية، يتيح للواقفين فرصة المساهمة في بناء مستقبل الأيتام من خلال تمويل مشاريع تعليمية وصحية ومعيشية تضمن لهم حياة مستقرة.

وأكد الداعية أن الوقف في الإسلام من أعظم صور الصدقة الجارية، فهو ليس مجرد تبرع عابر، بل هو استثمار في الخير يمتد أثره لسنوات طويلة. الفرق بين الوقف والصدقات الأخرى يكمن في استمرارية العطاء، فبينما قد تنتهي الصدقة المباشرة فور استخدامها، يظل الوقف يولد أرباحاً وعوائد تُستخدم في خدمة المستفيدين على المدى البعيد. الوقف يعزز التنمية المستدامة ويخلق نظاماً خيرياً يُساعد الفقراء والمحتاجين باستمرار، مما يُقلل الاعتماد على المساعدات الفردية غير المنتظمة.

وبشأن الفرق بين الصدقة المباشرة والوقف على وقفية كفالة يتيم قال: الصدقة المباشرة هي أن يقدم المتبرع مبلغاً مالياً أو طعاماً أو أي نوع من العطاء لليتيم بشكل فوري، وهو بلا شك عمل عظيم وله أجر كبير، لكنه قد يكون ذا أثر محدود من حيث الاستدامة، حيث تُصرف الأموال بسرعة ولا تضمن استمرار الدعم على المدى الطويل.
أما الوقف على وقفية كفالة يتيم، فهو استثمار في الخير، حيث يُستخدم المال الموقوف في مشاريع تنموية واستثمارية، ثم تُستخدم أرباحه بشكل دائم لرعاية الأيتام..

وأضاف: إن الوقف ليس فقط عملاً خيرياً بل هو أحد أهم أدوات التنمية المستدامة. على سبيل المثال، عندما يتم إنشاء وقف تعليمي، فإنه يضمن استمرار التعليم للأجيال القادمة، وعندما يكون هناك وقف صحي، فإنه يؤمن الرعاية الطبية للمحتاجين لعقود.

ولفت إلى نماذج تاريخية بارزة للأوقاف في الإسلام منها: وقف الصحابي عثمان بن عفان رضي الله عنه "بئر رومة"، حيث اشترى بئراً في المدينة المنورة، وجعلها وقفاً للمسلمين ليشربوا منها، ولا تزال البئر موجودة حتى يومنا هذا.
ومن بين النماذج أيضاً وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خيبر، وهو من أوائل الأوقاف الإسلامية، حيث أوقف بستاناً وجعل ريعه للفقراء والمساكين.

وزاد القول: إن وقفية كفالة يتيم تهدف إلى تحقيق ذات الأثر الذي أحدثته الأوقاف التاريخية، فهي لا توفر المساعدة المؤقتة للأيتام، بل تضمن لهم استدامة الرعاية من خلال استثمار أموال الوقف، وتوجيه العوائد لرعاية الأيتام على المدى البعيد. بهذه الطريقة، تتحول المساعدات الفردية المتقطعة إلى نظام دعم مستدام يشمل الجوانب الحياتية كافة، مما يُحقق التكافل الفعلي.

ما دور الإدارة العامة للأوقاف في تنظيم هذه الوقفية؟
الإدارة العامة للأوقاف تلعب دوراً محورياً في الإشراف على وقفية كفالة يتيم، حيث تجمع المساهمات الوقفية، وتستثمرها في مشاريع تضمن عوائد مستدامة، وتوجه هذه العوائد إلى الأيتام وفق آليات دقيقة. كما تعمل الإدارة على مراقبة أداء الوقفية، وتقدم تقارير دورية للواقفين لضمان الشفافية والمصداقية، إضافة إلى توفير قنوات إلكترونية للمساهمة والوقف، لتيسر المشاركة في هذا العمل الخيري، سواء كان الواقف يريد أن يوقف مبلغاً قل أو كثر، أو يوقف عقاراً أو أسهماً، أو أياً من الأصول.

كيف يمكن للمحسنين المساهمة في هذه الوقفية؟
يمكنهم المساهمة عبر الموقع الإلكتروني للإدارة العامة للأوقاف من خلال الرابط التالي:
www.awqaf.gov.qa/donate
والحقيقة الموقع يتيح خيارات متنوعة للوقف، سواء بمبالغ مالية أو من خلال وقف أصول يتم استثمارها لضمان الاستدامة.
كما يمكن الوقف من خلال تطبيق الإدارة العامة للأوقاف، أو زيارة مقر الإدارة في منطقة الوعب أو عبر طلب مندوب التحصيل، وغيرها من الوسائل التي توفرها الإدارة العامة للأوقاف لتسهل وصول المحسنين إلى منافذها.

وقال إن كفالة اليتيم من أعظم الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم مكانة كافل اليتيم في الجنة حين قال: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى "رواه البخاري". وهذا دليل على عظمة هذا العمل، فمجرد الاهتمام باليتيم والقيام بشؤونه يرفع صاحبه إلى مرتبة قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.