“دراسة قانونية من جامعة قطر: تطور تشريعي في إدارة مرحلة التفاوض على العقود”

تناول باحثا دراسات عليا من كلية القانون بجامعة قطر قضية التنظيم القانوني للمرحلة السابقة على التعاقد في ضوء الاتجاهات القانونية الحديثة، وأنه على مستوى القوانين العربية أو على مستوى الاتجاهات القانونية الحديثة جاءت الدراسة الحديثة التي نشرتها المجلة القانونية والقضائية العدد الأول ـ المجلد 19 بوزارة العدل العام الحالي، لتقف على مدى حاجة القوانين العربية لتعالج هذا الفراغ التشريعي المتعلق بغياب تنظيم مرحلة التفاوض، ويتبين أنّ هناك أثراً اقتصادياً لوجود نصوص تنظم المرحلة السابقة على التعاقد وخصوصاً عقود التجارة الدولية، وهذا الأثر الاقتصادي يستتبعه أثر ثانٍ يتمثل في الأثر القانوني لتنظيم المفاوضات من خلال توفير الأمان التعاقدي لكافة الأطراف وهو يساهم في حماية المراكز القانونية واستقرارها.
الباحثان هما: أحمد سالم تركي باحث دراسات عليا بمرحلة الدكتوراه بكلية القانون بجامعة قطر، والباحث في الدراسات العليا أحمد يوسف العمادي في مرحلة الدكتوراه بكلية القانون بجامعة قطر.
وأشار الباحثان إلى أنّ مرحلة التفاوض على العقد أهم المراحل في إبرام العقود، وتستمد أهميتها ليس من خلال مرحلة تكوين العقد بل أهميتها من منطلق أنّ هذه المرحلة يكون كلا الطرفين فيها على مسافة واحدة للتفاوض مع ترتيب كافة الالتزامات والواجبات المفترضة على كل طرف ووصولاً لمرحلة انعقاد العقد ومن ثمّ تنفيذه.
– مرحلة التفاوض
ويرى الباحثان أنّ مرحلة التفاوض تكشف عن إرادة الأطراف بحيث تتضمن وضع الأطر العامة والخاصة لكافة آليات تنفيذ العقد من خلال المناقشات بين أطراف العقد، وعلى الجهة المختصة للفصل في أي نزاع بينهما في حال حدوثه سواء كان اللجوء إلى طريق القضاء عبر المحاكم أن عن طريق التحكيم أو أي وسيلة أخرى.
وتعتبر مرحلة المفاوضات كتنظيم قانوني ضمن إطار مرحلة تكوين العقد، وليس هناك أثر قانوني لتلك المفاوضات حتى ينعقد العقد بالإيجاب والقبول، وكون العقد يتضمن وجود اتفاق يتفق فيه الأطراف على إحداث أثر قانوني.
ويرى الباحثان أنه ليست هناك حاجة لوضع تعريف محدد لمبدأ حسن النية وترك الأمر للقاضي لبحث محل الموضوع طبقا للوقائع والظروف والملابسات بتكييف مبدأ حسن النية، وأنّ وضع تعريف لأي مبدأ قانوني سيجعل القاضي مقيداً في إطار كلمات التعريف المنصوص عليه.
– طفرة تشريعية
وتمثل مرحلة التفاوض أهمية قصوى من حيث كونها مرحلة مؤسسية للعقد نظير ما تمثله من مناقشات ومراسلات ومساومات على العرض لكل طرف وهذا تقابله مسؤولية تترتب على وجود أي إخلال في حال حدوثه.
والمرحلة التفاوضية لا وجود لأيّ أثر قانوني باعتبار أنّ كل طرف في المفاوضات لديه الحرية في قطع التفاوض في الوقت الذي يريد ولا مسؤولية على عدل ولا يكلف إثبات أنه قد عدل لسبب جديّ.
وأشار الباحثان إلى أنّ الاتجاهات القانونية الحديثة شهدت طفرة تشريعية كبيرة في تنظيم المرحلة السابقة على التعاقد وذلك من خلال سريان مبدأ حسن النية ليس على مستوى مرحلتيّ إبرام وتنفيذ العقد فقط بل في مرحلة التفاوض علاوة على ترسيخ الالتزامات المتبادلة بين الطرفين كمرحلة الالتزام بالإعلام والالتزام بواجب السرية لتصبح المفاوضات وفقاً لتلك الاتجاهات ذات تنظيم قانوني يتواءم مع الأهمية القانونية للتفاوض.
– الأثر الاقتصادي
وأكدا حاجة القوانين العربية لتنظيم مرحلة التفاوض على العقد، وأنه في ظل الفراغ التشريعي للقوانين العربية لعدم تنظيمها لمرحلة التفاوض على العقد انتهت إليه الاتجاهات القانونية الحديثة، وأشارا إلى الأثر الاقتصادي حيث شهدت عقود التجارة الدولية في العقود الأخيرة تطورات واسعة ومعها وجدت أنواع كثيرة من العقود تميزت بالتعقيد وتعدد المراحل والجوانب نظير ما تمثله تلك العقود من قيمة اقتصادية لطرفي العقد، وباتت على قدر تشعب مراحلها تتطلب من خلالها المرحلة السابقة للتعاقد قدرا كافيا من الضمانات والالتزامات المتبادلة.
ويؤكد الباحثان أنّ مرحلة التفاوض في كل العقود وعقود التجارة الدولية تلعب دوراً مهماً في خفض احتمال وقوع نزاع، وستكون بنود العقود منضبطة، وأثر اقتصادي في الشفافية والوضوح علاوة انه مرجع أساسي في تفسير العقد خلال مرحلة التنفيذ.
وتعتبر تشريعات تنظيم عقود مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص أهم الركائز في جذب الاستثمارات، وهذا يتوقف على مدى مواءمتها على تحفيز المستثمر للمضي قدماً في العقد.
وباتت مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص تمثل أبرز التحديات القانونية التي تتعلق بالمجال الاقتصادي في كل دول العالم، وتتسابق الدول لسن تشريعاتها الخاصة بالشراكة ومنها دولة قطر ودولة الكويت حيث تسارعتا خلال السنوات الأخيرة لإصدار مشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص.
وأوصى الباحثان بضرورة تبني نص خاص ينظم المرحلة السابقة على التعاقد بمبدأ حسن النية في جميع مراحل العقود وهي التفاوض والإبرام والتنفيذ، وضرورة الالتزام بالإعلام والسرية خلال مرحلة التعاقد لعدم إفشاء السرية.