بدء أعمال المؤتمر الدولي لحل القضية الفلسطينية برئاسة السعودية وفرنسا

انطلقت اليوم، في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أعمال "المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالطرق السلمية وتنفيذ حل الدولتين"، برئاسة مشتركة سعودية – فرنسية، ويستمر حتى الثلاثين من الشهر الجاري.
وأكد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة خلال كلمته في مستهل أعمال المؤتمر، أن حل الدولتين هو المسار الوحيد الموثوق به لتحقيق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو "الشرط الأساسي" للسلام في الشرق الأوسط الأوسع. 
 وشكر غوتيريش الدولتين المُنظمتين، مشددا على أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي استمر لأجيال وتحدى الآمال والدبلوماسية والقانون الدولي، لا يزال يحصد الأرواح ويدمر المستقبل ويزعزع استقرار المنطقة والعالم، مؤكدا أن استمرار هذا الصراع ليس حتميا، وأن حله ممكن إذا توفرت إرادة سياسية وقيادة شجاعة.
  ودعا إلى بذل مزيد من الجهود لتحقيق حل الدولتين، معتبرا مؤتمر اليوم "فرصة نادرة ولا غنى عنها" يجب أن تكون "نقطة تحول حاسمة" في تحقيق تقدم لا رجعة فيه نحو إنهاء الاحتلال، وتحقيق الطموحات المشتركة في حل الدولتين. 
وأضاف:" يجب أن نضمن ألا يصبح المؤتمر مجرد تمرين آخر في الخطاب حسن النية"، مشيرا إلى أن حل الدولتين هو الإطار الوحيد المتجذر في القانون الدولي، والذي يدعمه المجتمع الدولي، وينص على قيام دولتين مستقلتين، إسرائيل وفلسطين، "تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، ضمن حدود آمنة ومعترف بها على أساس خطوط ما قبل عام 1967، مع القدس عاصمة للدولتين، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الأخرى ذات الصلة".
وسلط غوتيريش خلال كلمته، الضوء على الأوضاع المأساوية في غزة، بما في ذلك "تجويع السكان، ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتفتيت الأرض الفلسطينية المحتلة، مشددا على أن "التدمير الشامل" لغزة لا يُحتمل ويجب أن يتوقف، وأن "الإجراءات الأحادية التي من شأنها أن تقوض حل الدولتين إلى الأبد غير مقبولة ويجب أن تتوقف".
  كما أشار إلى دعم الكنيست لضم الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا بوضوح أن "الضم الزاحف للضفة الغربية المحتلة غير قانوني ويجب أن يتوقف"، واصفا هذه الأحداث بأنها ليست معزولة، بل "جزء من واقع منهجي يعمل على تفكيك لبنات السلام في الشرق الأوسط".
ومن جانبه قال جان نويل بارو وزير الخارجية الفرنسي :" بعد 80 عاما من تأسيس الأمم المتحدة لا يمكننا قبول استهداف المدنيين، النساء والأطفال، عندما يتوجهون إلى مواقع توزيع المساعدات، هذا أمر غير مقبول".
وأضاف بارو، بأن المشاركة الواسعة في المؤتمر تؤكد الإجماع والحشد من المجتمع الدولي حول نداء وقف الحرب في غزة، مشددا على ضرورة أن يكون المؤتمر نقطة تحول لتطبيق حل الدولتين.
وتابع:" يجب أن نعمل على مسار سبل الانطلاق من إنهاء الحرب في غزة إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في وقت تعرض فيه هذه الحرب أمن واستقرار المنطقة بأسرها للخطر".
  وأوضح وزير الخارجية الفرنسي، أن تحقيق ذلك يتطلب تنفيذ حل الدولتين الذي يلبي التطلعات المشروعة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين للعيش في سلام وأمن، مؤكدا عدم وجود بديل لذلك.
وأضاف:" عبر هذا المؤتمر نطلق نداء جماعيا للعمل. هذه الحرب استمرت لأكثر مما ينبغي ويجب أن تتوقف. يجب أن تصمت الأسلحة وتتيح المجال لوقف فوري ودائم لإطلاق النار".
ومن جهته قال محمد مصطفى رئيس الوزراء الفلسطيني، إن هذا المؤتمر يحمل وعدا وتعهدا للشعب الفلسطيني بأن الظلم التاريخي الذي لحق بهم يجب أن ينتهي وأن ما يحدث في غزة هو "أحدث وأوحش تجلياته، ونحن جميعا مدعوون أكثر من أي وقت مضى للتحرك".
وأضاف أن هذا المؤتمر هو رسالة للشعب الفلسطيني بأن العالم "يدعمنا في تحقيق حقوقنا في الحياة والحرية والكرامة وأرضنا، وحقنا في دولتنا ذات السيادة"، مشيرا إلى أنه هو أيضا رسالة للإسرائيليين مفادها أن هناك طريقا للسلام والتكامل الإقليمي.
وتابع: "سيتحقق ذلك من خلال استقلالنا لا دمارنا، ومن خلال تحقيق حقوقنا لا استمرار إنكارها، وأن الفلسطينيين ليس محكوما عليهم بالاحتلال والنفي الأبدي، وأن هناك طريقا آخر أفضل يؤدي إلى سلام مشترك وأمن مشترك وازدهار مشترك في منطقتنا، ليس لأحد على حساب الآخر، بل للجميع".
وفي سياق متصل، قال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية في الجلسة الحوارية الخاصة بعرض نتائج جهود مجموعات العمل الخاصة بالمؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين :"إن تصور إسرائيل بإمكانية الحصول على التطبيع والتعايش من دون إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام مع الفلسطينيين هو محض وهم".
وأشار إلى الالتزامات والمساهمات البناءة التي تقدمت بها عدة دول ومنظمات دولية وإقليمية ومنظمات المجتمع المدني في إطار "جهود يوم السلام"، إلى جانب "حزمة دعم السلام" التي يرعاها الاتحاد الأوروبي، والتي يمكن أن يتم تقديمها للفلسطينيين والإسرائيليين وللمنطقة ككل، في حال تنفيذ حل الدولتين وتجسيد دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة، مؤكداً أن جوهر هذه الرؤية طُرح منذ 23 عامًا من خلال مبادرة السلام العربية دون أي ردّ من إسرائيل.
وخلال الجلسة، قدّم كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية ودوبرافكا شويكا، المفوض الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط، النتائج النهائية لمجموعة العمل الثامنة في المؤتمر والمعنية بـ"جهود يوم السلام"، والتي تترأسها كل من الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي.