جائزة الكتاب العربي تنظم جلسة نقاش افتراضية مع الكاتب والناقد السعودي سعد البازعي

في إطار دورها الرائد لتعزيز الحوار الفكري وتكريم قامات الإبداع العربي، نظمت جائزة الكتاب العربي، والتي تتخذ الدوحة مقرا لها ،جلسة حوارية (عن بعد)، استضافت فيها الناقد والمفكر السعودي الدكتور سعد البازعي الذي كُرِّم في الدورة الأولى من الجائزة.
شكل اللقاء الذي أداره الإعلامي الأردني الدكتور عامر الصمادي، منصة فكرية ثرية، استعرض خلالها الدكتور البازعي رؤاه حول المشهد الثقافي العربي الراهن، ومسيرته البحثية والنقدية الممتدة، مقدما للحضور والمتابعين عمقا في التحليل المعرفي والنصائح للجيل الجديد من الباحثين.
وأشاد الدكتور سعد البازعي، بالدور الذي تؤديه جائزة الكتاب العربي في دعم مسيرة العلماء والمبدعين العرب، وقال أن مثل هذه المبادرات النوعية تسهم في ازدهار المشهد الثقافي والفكري العربي، وتحفيز حركة التأليف والنشر، والارتقاء بجودة المنتج المعرفي، مؤكدا أن الجوائز فعل ثقافي يتدخل في الحياة الثقافية لتوجيهها نحو التميز وأنها بتكريمها لأعمال محددة تسهم في تشكيل الذائقة الأدبية، قائلا: أعتقد أن الجوائز تمارس دورا حيويا كبيرا، وهناك إنجازات ما كان لها أن تحدث لولا الجوائز التي تحفز الباحثين على الأصالة والتميز .
كما تناول خلال الجلسة التحديات التي تواجه الباحثين والمفكرين في سعيهم نحو التميز المعرفي في عالم متسارع، مشدِّدا على أهمية الأصالة والعمق في مواجهة تسطيح المعرفة، مؤكدا على أهمية الدور الذي يؤديه دارس الأدب والمثقف العربي في تشكيل الوعي الحضاري.
وتوقف المفكر السعودي عند أبرز محطات مشواره الأدبي والفكري الذي جعله أحد أبرز الأصوات النقدية في العالم العربي، وتحدث عن بداياته، وتأثراته الفكرية، والمشاريع النقدية التي خاضها في مجالات الأدب المقارن والنقد الثقافي والترجمة والتي يعمل عليها حاليا ، مشيرا إلى أن ما مُنح للترجمة في العقدين الأخيرين يمنحنا الكثير من التفاؤل والأمل في العالم العربي، مشيدا في هذا الصدد بالدور الكبير لدول الخليج العربي ، وذكر على سبيل المثال جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في قطر، ومشروع كلمة في الإمارات، وما تقدمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية.
وفي قراءته للواقع الثقافي العربي وتحولاته الراهنة، قدم الدكتور البازعي تحليلا معمقا للتحديات التي تواجه المشهد الإبداعي، خاصة في ضوء التغيرات الاجتماعية والمعرفية المتسارعة وتأثيرات العولمة وثورة التكنولوجيا الرقمية، داعيا إلى ضرورة تطوير الأدوات النقدية لفهم هذه التحولات والتفاعل معها بوعي وإيجابية، وتأكيد دور المثقف في تشكيل الوعي المجتمعي، وأنه يُفترض به أن يكون صوت أمته وضميرها.
وأضاف أن هذا الدور يتطلب من المثقف أن يغتني بتاريخ أمته وتراثها وبمعطيات الحداثة، وأن يكون واعيا بثقافة أمته في مواجهة الهيمنة المتعددة الوجوه، سواء كانت فكرية أم لغوية أم اقتصادية.
وتطرق في سياق حديثه عن التأزم الحضاري، لافتا إلى أن الأزمات تحيط بالحضارات كلها، مؤكدا أن هناك ضرورة إلى فهم الحضارة الغربية من داخلها وإلى الحفاظ على هويتنا العربية ومكانتنا في العالم، مع ضرورة أن نُبرز هويتنا وثقافتنا في العالم .
وقد أتاح اللقاء فرصة للحوار المباشر والمفتوح مع الضيف، حيث أجاب الدكتور البازعي عن أسئلة القراء والمتابعين التي تركزت حول قضايا الأدب والنقد والثقافة والهوية والترجمة وغير ذلك مما أثري به اللقاء الحواري.
وقدم البازعي الذي سبق أن شغل مناصب أكاديمية وثقافية رفيعة، نصائح قيمة للباحثين الشباب، حثهم فيها على التحلي بالصبر والمثابرة، والتسلح بالمنهجية العلمية، والانفتاح على مختلف المدارس الفكرية مع الحفاظ على بوصلة نقدية واعية.
يُذكر أن جائزة الكتاب العربي، ومقرها الدوحة، هي جائزة سنوية تُمنح للأعمال المؤلفة باللغة العربية في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية. وتهدف الجائزة، التي تبلغ قيمتها الإجمالية مليون دولار أمريكي، إلى إثراء المكتبة العربية عبر تشجيع الأفراد والمؤسسات على تقديم إنتاج معرفي متميز، وتكريم الدراسات الجادة والتعريف بها، فضلا عن دعم دور النشر الرائدة للارتقاء بجودة الكتاب العربي شكلا ومضمونا وتنقسم إلى فئتين رئيسيتين: فئة الكتاب المفرد وفئة الإنجاز.