قصة امرأة نازحة فاقدة للبصر محاصرة في حفرة بين دبابات الاحتلال

قصة امرأة نازحة فاقدة للبصر محاصرة في حفرة بين دبابات الاحتلال

في حفرة تحت أشعة الشمس الحارقة كانت الزهراء يوسف (٢٨ سنة) تقبع مع عدد من النساء والأطفال، ومن حولها كانت الدبابات وجنود الاحتلال، وفوقهم الطائرات الحربية، فلا مجال لأدنى حركة فالقليل منها يكلف الحياة.
كان حمل الزهراء ثقيلا فهي كفيفة لا تستطيع أن تبصر ما يحدث حولها مما جعل الصوت يزيد من خوفها، ويقطع أنفاسها.. وقالت لـ»الشرق»: «تمنيت أن يكون لي ولو عين واحدة أبصر بها حتى أعلم ما يدور من حولي».
وأوضحت، أن عددا من كبار السن ماتوا في الحفرة فقد تعبوا كثيرا لساعات طويلة مليئة بالخوف والجوع والعطش. وتابعت: «كنت أظن أن هذه الحفرة ستصبح نهاية رحلتي في الحياة .. فقد كان الوضع صعبا جدا».

وقالت الزهراء وهي تعود إلى بداية قصة نزوحها من شمال غزة: «نزحت من بيتي مع إخوتي وعائلاتهم إلى بيت شقيقي كنا نظن أنه أكثر أمانا لكن المفاجأة أن الاحتلال حاصرنا وبقينا 18 يوما، مع قليل من الماء والطعام». وتابعت: «تم محاصرة البيت بالدبابات، وكانت الطائرات من فوقنا حاولنا تكرارا الخروج لكن لم نستطع، فقد كانت أدنى حركة تعني استهدافنا». وأوضحت «بعد ذلك بدأ الاحتلال بإخلاء الأماكن وكانت آلياته العسكرية توجه نداء للجميع بالخروج .. وحينما خرجنا تم وضعنا بمدرسة، وفصلوا النساء عن الرجال، مما زاد الخوف على مصير اشقائي».
وأشارت إلى أن ابنة شقيقتها الطفلة كانت تمسك بيدها لمساعدتها على السير كان الأمر مرهقا خاصة أن الأرض عبارة عن ركام ذلك جعلها تقع كثيرا، مبينة أنها بعد ساعات من السير تم وضعهم في حفرة والدبابات تسير من حول الحفرة بسرعة ذلك جعل من الغبار يخنق أنفاسهم. وأخذت نفسا عميقا قبل أن تكمل حديثها: «كان جنود الاحتلال يتلفظون بكلمات بذيئة جدا علينا ويتوعدوننا لصمودنا والبقاء في الشمال وعدم النزوح للجنوب».

ولفتت، إلى أنهم كانوا يخرجون من الحفرة بعد المكوث فيها ساعات طويلة، على شكل مجموعات.. مجموعة بعد أخرى، فكانت تشعر بالخوف بعد أن افترقت عن عائلتها وهي لا تدري كيف تستكمل الطريق..  وتابعت: «طلبت من طفلة شقيقتي أن تتمسك بيدي ولا تفلتها مهما حدث، فكان خروجي من الحفرة أمرا في غاية الصعوبة والتعب والمعاناة والحمل الثقيل لخمس حقائب على ظهري».
وأضافت: «لم أصدق أنني نجوت، أكثر ما كان يؤلمني أنني مررت أمام بيتي ولكن منعني جنود الاحتلال الاقتراب منه، قبل أن يتم حرقه، وعلمت بعد ذلك أنه جرى هدمه الامر الذي أوجع قلبي كثيرا، فالبيت بالنسبة لي ليس مجرد مسكن فهو رائحة أمي -رحمها الله- التي تعبت كثيرا في سبيل بنائه، بعد وفاة والدي».