الاحتلال يثير التوترات في الضفة بينما تستقر الأوضاع في غزة

في ظل المناخ المتوتر بفلسطين، والذي يستحضر حرباً لم تنته في غزة، ويُخشى أن تستمر باندفاعة أكثر قسوة، استبدت الحيرة بأهالي الضفة الغربية، وهم يفكرون بمصيرهم، خصوصاً في ظل موجة الاقتحامات وهدم المنازل التي ينفذها جيش الإحتلال، بينما مظاهر الفواجع بمن استشهدوا برصاص المستوطنين، لم تُمح بعد من ذاكرتهم.
مخيمات شمال الضفة الغربية، والمقصود هنا جنين وطولكرم، وبلاطة وعسكر قرب نابلس، بدت أكثر تحوطاً من تكرار سيناريوهات غزة المدمرة، إذ ثمة موجات نزوح صامت تشق طريقها، ومخيمات أشباح بدأت ترتسم، مع استمرار أوامر الإخلاء والترحيل والهدم.
بينما في سائر أرجاء الضفة تستمر اعتداءات المستوطنين، ولا زالت سهول القمح في ترمسعيا شمال رام الله، ومنازل جاراتها سنجل ودير دبوان والمزرعة الشرقية وكفر مالك والمغيّر شاهدة على ما يجري.
قرى ومخيمات فلسطينية كثيرة، أنهكها الخوف، على وقع تهديد دائم وخطر داهم أخذ يلاحق أهلها، مع توسيع دائرة المداهمات والاعتداءات وتعالي نبرة قادة ووزراء في كيان الاحتلال بتكرار كل الأساليب المجربة في غزة، وتسارع وتيرة التدمير وتشديد الخناق على الضفة الغربية، تمهيداً لضمها.
وتقبض قوات الاحتلال على مجريات الأوضاع في الضفة، وفي المقابل ترسم خطوطاً حمراً في القطاع المنكوب، تقف وعين لها على مفاوضات التهدئة في الدوحة، وأخرى على كرة النار التي تدحرجت سريعاً من خان يونس وبيت حانون، إلى طولكرم وبروقين شمالاً، وحلحول جنوباً، التي تسلمت شعلة الاجتياحات والحصار، في الأيام الأخيرة.
وصف مراقبون، ما يجري في الضفة الغربية، بأنه ترجمة إسرائيلية لمضامين السيطرة والضم، وفرض الهيمنة، إذ حجز جيش الاحتلال بالنار رقعة لعملياته.
برأي الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، يعيش الفلسطينيون في الضفة في محيط المواجهة مع الاحتلال، منذ بداية حرب غزة، لكنهم يركبون اليوم بحر التصعيد، بالتزامن مع مفاوضات الدوحة، في تناقضات تؤشر على مستقبل من الغموض.
وثمة عنصر آخر أشار إليه المصري: «في هذه المرحلة المفصلية من حرب غزة، يظهر عامل الضفة الغربية، التي تؤثر فيها عناصر إسرائيلية إضافية، فضلاً عن تلك تضرب في غزة، ممثلة بالمستوطنين، مشددا: «بينما تميل المواجهة في قطاع غزة إلى تسوية سياسية، تبدو الضفة الغربية مشتعلة، ما ينبئ عن جمر تحت الرماد».
ولم يكن عابراً إظهار عرض القوة العسكرية في الضفة الغربية بالآلة الحربية الثقيلة، الأمر الذي يقرأ فيه مراقبون، اهتزازا آخر على الأرض الفلسطينية، ورسائل بالنار للأهداف الإسرائيلية العميقة، وقوامها: «إسرائيل فقط، هي من تضبط لوحة السيطرة والتحكم، فلا حماس في غزة، ولا سلطة في الضفة الغربية».