د. مارك أوين جونز، أستاذ تحليل إعلامي في جامعة نورثويسترن بقطر: استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى يشكل خطرًا على المعرفة الإنسانية

قال الدكتور مارك أوين جونز، أستاذ مساعد مقيم في التحليل الإعلامي بجامعة نورثويسترن في قطر، إحدى الجامعات العالمية الشريكة لمؤسسة قطر إن الذكاء الاصطناعي يهدد بإغراق المنظومة المعرفية الرقمية بمعلومات مُضللة».
أضاف: «إن الحجم الهائل وسرعة إنتاج المحتوى عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي يهددان المعرفة البشرية لصالح المعرفة الآلية، التي لا تهدف بالضرورة إلى تعزيز الوعي، بل إلى استغلال خوارزميات المنصات الرقمية لأهداف أخرى، ما يُسبب نوع من الضجيج في مجال المعلومات».
وقال «إن هذا يؤثر على المنظومة الفكرية، ويُضعف مع مرور الوقت قدرة الرأي العام على التمييز بين الصحافة الموثوقة والمحتوى الرديء المصمم لجذب الجمهور وتوجيهه».
أشار الدكتور مارك أوين جونز إلى أن «الذكاء الاصطناعي قد يُقوّض البنية المعرفية الضرورية لتعزيز التفكير النقدي، الذاكرة البشرية، والنقاش المنطقي. ورغم أن التداعيات الفكرية على المدى الطويل ليست حتمية، لكن هذا المسار يدعو إلى القلق من تحوّل عميق».
ويؤكد الدكتور مارك أوين جونز، أنّ الذكاء الاصطناعي يقدم فرصًا حقيقية، منها تحليل كميات هائلة من البيانات، وتجاوز حواجز اللغة، مشيرًا إلى أن الصحفيين من الهند إلى أمريكا اللاتينية يستخدمون النماذج اللغوية للتحقيق في ملفات الفساد، وتتبع الجريمة المنظمة، وكشف التحيز الخوارزمي.
بدورها، تروي حصة آل ثاني، خريجة جامعة نورثويسترن في قطر، تأثير الذكاء الاصطناعي في نشر معلومات مضللة، قائلة: «شاهدتُ فيديو مزيّف لشخصية سياسية بدا حقيقيًا جدًا، ولم أدرك أنه مزيّف إلا لاحقًا. في هذا العصر، المحتوى الذي تم توليده بالذكاء الاصطناعي موجود في كل مكان، ومن السهل جدًا الوقوع في فخه. هذا هو الهدف الأساسي من ذلك، محاكاة البشر وطمس الحدود بين الحقيقي والزائف».
أضافت: «أعتقد أن الثقافة الإعلامية وتدقيق الحقائق أمران أساسيان لمكافحة التضليل والمعلومات المضللة، ولمعرفة الفرق بين المحتوى الحقيقي والمحتوى الزائف. وهذا لا ينطبق على الصحفيين فقط؛ بل يجب على الجميع إعادة تقييم طريقة استهلاك المعلومة، والتحقق من مصدر المعلومة، وبناء الوعي الإعلامي».
وأشارت حصة إلى الإمكانات الإبداعية التي يحملها الذكاء الاصطناعي في مجال الصحافة، من حيث جمع المعلومات، وصياغة الأسئلة ورسائل البريد الإلكتروني، وتحرير النصوص، وغيرها.
وقالت: «قوتنا الرئيسية كصحفيين تكمن في قدرتنا على سرد القصص، وعندما تمنح هذه القدرة للآلة، تصبح القصص خاوية وأحيانًا غير أخلاقية، ومتحيزة مع تطوير هذه التكنولوجيا في الغرب».
ختمت حصة: «لم يسيطر الذكاء الاصطناعي بالكامل على وسائل نقل الأخبار، لكنه حاضر بشكل كبير خلف الكواليس في العملية الصحفية، وهذا يدفعني للتساؤل عن شكل الصحافة في المستقبل القريب، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على جوهر هذه المهنة».
وأعتقد أن دور الصحفيين سيتحول في المستقبل إلى التوجه الإنساني، ورصد الجوانب الأخلاقية، والحضور الميداني الذي لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفره. لكن بالتأكيد، لابُد أن يكون الصحفيون أكثر وعيًا بكيفية استخدامهم للذكاء الاصطناعي، وأن يستفيدوا منه كأداة دون أن يسمحوا له بأن يطغى على صوتهم، أو وجهة نظرهم، أو مسؤوليتهم تجاه كشف الحقيقة.