د. أناليزا تيرانغرا، مديرة مختبر التغذية الدقيقة في سدرة للطب: “الأنظمة الغذائية” سلوك غير علمي يفتقر لتحقيق النتائج المنشودة.

قالت الدكتورة أناليزا تيرانغرا، الباحث الرئيسي ورئيس مختبر التغذية الدقيقة في سدرة للطب، عضو مؤسسة قطر كثيرًا ما نسمع عن حميات غذائية تعد بنتائج سحرية وأطعمة لها فوائد خارقة، وقد يبدو للوهلة الأولى أنها فعلًا كذلك. ولكن، من منظور علمي، هذه الحلول العامة لا تفي بالغرض؛ فالتنوع الحيوي بين الأفراد يستدعي حلولًا مخصصة.
«من هذا المنطلق، تبرز أهمية التغذية الدقيقة، وهو مجال علمي ناشئ يضع التوصيات الغذائية بناء على خصوصية كل فرد لتحقيق أفضل النتائج الصحية».
التغذية الدقيقة أساس الرعاية الصحية توضح الدكتورة تيرانغرا أن التغذية الدقيقة هي عنصر أساسي في مجال الرعاية الصحية الدقيقة، الذي يسعى إلى تحسين صحة الأفراد، والوقاية من الأمراض المزمنة، وإدارة الحالات المرضية القائمة، وذلك من خلال تقديم نصائح غذائية تتناسب مع التركيبة الجينية الفريدة لكل شخص، ونمط حياته، وبيئته. وتضيف الدكتورة تيرانغرا: «من خلال دراسة تأثير العوامل المختلفة على طريقة معالجة أجسامنا للطعام، مثل العوامل الوراثية، والميكروبيوم المعوي، ونمط الحياة، يسعى علم التغذية الدقيقة إلى توفير استراتيجيات غذائية فعالة ومبنية على أسس علمية لكل فرد».
تؤكد د. تيرانغرا، العاملة في قسم الصحة الإنجابية والفترة المحيطة بالولادة في سدرة للطب، أهمية التغذية الدقيقة في الحفاظ على صحة الأم والطفل، وتقول: ‹النظام الغذائي للأم ونمط حياتها يلعبان دورًا حاسمًا في تحديد صحة الطفل. الألف يوم الأولى من حياة الطفل، بدءًا من الحمل حتى بلوغه العامين، تشكل فترة حرجة في تحديد صحته وإمكانية إصابته بالأمراض في المستقبل. على امتداد نصف هذه الفترة، أي خلال الحمل والرضاعة الطبيعية، يتأثر الطفل كثيرًا بالنظام الغذائي للأم».
تضيف: «يشكل النظام الغذائي الصحي ونمط الحياة الصحي خط الدفاع الأول في علاج مضاعفات الحمل، مثل سكري الحمل. ومع ذلك، تختلف كل أم عن الأخرى من حيث الذوق، والخلفية الثقافية، والظروف الصحية. لذلك، يجب تقديم توصيات غذائية مخصصة تتناسب واحتياجاتهن، بدءًا من فترة ما قبل الحمل، مرورًا بالحمل، ووصولًا إلى فترة ما بعد الولادة».
تجري سدرة للطب حاليًا عدة دراسات تستخدم التغذية الدقيقة لتحسين رعاية المريضات. ومن الأمثلة على ذلك دراسة التغذية الدقيقة في التقنيات المساعدة على الإنجاب (PN-ART).
تظهر بيانات البنك الدولي انخفاضًا ملحوظًا في معدل الخصوبة في قطر، حيث انخفض متوسط عدد المواليد لكل امرأة من 6.3 إلى 1.8 خلال الفترة من 1972 إلى 2022، وهو آخر عام توفرت فيه بيانات من البنك الدولي. وفي دراسة بحثية مشتركة صدرت عام 2022، أكدت الدكتورة تيرانغرا وزملاؤها من سدرة للطب أن العقم لدى النساء يشكل «تحديًا صحيًا عالميًا وقضية صحية عامة ذات أهمية بالغة»، واستكشفت الدراسة إمكانية دمج مبادئ التغذية الدقيقة في إدارة حالات العقم لدى النساء. وعلى الرغم من أن دور النظام الغذائي ونمط الحياة والميكروبيوم في فترة ما قبل الحمل هو جانب معروف، فإن الآليات الجزيئية التي تحكم التفاعل بين النظام الغذائي والتمثيل الغذائي الجريبي ما تزال غير مفهومة بشكل كامل. تُخضع النساء اللاتي يترددن على عيادات الطب الإنجابي في سدرة للطب لهذه الدراسة، بغية استكشاف العلاقة بين الحالة الغذائية للمرأة وبصمتها الجزيئية الدموية والجريبية، وتأثير ذلك على نتائج التقنيات المساعدة على الإنجاب.
كما تتعاون الدكتورة تيرانغرا في دراسة أخرى تحمل اسم «الأمومة»، وهي دراسة تشمل مجموعة من الأمهات والأطفال، وترصد العوامل المؤثرة في نتائج الحمل ومعوقات مراحل الحياة المبكرة في قطر. ويدرس فريق التغذية الدقيقة تأثير النظام الغذائي للأمهات ونمط حياتهن أثناء الحمل وبعده على صحتهن وصحة أطفالهن. ويتمثل الهدف في تحديد العناصر الغذائية أو العادات الغذائية التي تؤثر في الآليات الجزيئية الكامنة وراء مضاعفات الحمل، مما قد يؤدي إلى تمهيد الطريق لتنفيذ تدخلات شخصية.
تقول الدكتورة تيرانغرا: «، فإن هناك حاجة ملحة لتدريب أجيال جديدة من المتخصصين لضمان انتشار التغذية الدقيقة على نطاق واسع. كما أن توحيد معايير اختبارات علم الجينات الغذائية والميكروبيوم أمر ضروري، نظرًا لأن الاختلافات في طرق الاختبار وتفسير النتائج قد تؤثر سلبًا على دقة وموثوقية التوصيات المخصصة. وهناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتطوير إرشادات وبروتوكولات واضحة لهذه الاختبارات».