مفصولون عن العالم.. انقطاع الاتصالات يثير قلق سكان غزة

مفصولون عن العالم.. انقطاع الاتصالات يثير قلق سكان غزة

يعاني سكان قطاع غزة، تعقيداً إضافياً في تفاصيل الحرب الدامية التي يشنها عليهم كيان الاحتلال، إذ إضافة إلى القتل والتدمير اليومي والحصار الخانق، تعمد الأخير عزلهم عن العالم، بعد أن قطع بشكل متعمد كابلات الاتصالات والإنترنت.
وإزاء هذا العزل المقصود لقطاع غزة، تنتاب المواطنين مخاوف كبيرة من اتساع رقعة القصف المنفلت الذي تمارسه الطائرات الحربية الإسرائيلية المقاتلة والمسيّرة، مرجحين توالي المجازر بحق المدنيين العزل، بعيداً عن الأعين.

وتسبب لجوء الكيان لهذا الأسلوب العقابي الجماعي، والذي تكرر كثيراً في الآونة الأخيرة، بمعاناة كبيرة للنازحين، فضلاً عن عرقلة جهود فرق الإسعاف والإنقاذ، ومعه يتحول شاطئ بحر غزة إلى ملاذ أخير للباحثين عن رمق إشارة، يطمئنون من خلالها على أهل وأحبة تحت قصف لا يتوقف.
ويروي المواطن طالب مقداد من مخيم جباليا، أن غياب الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة، يتسبب بانقطاع الناس عن بعضها، خصوصاً وأن الأهالي اعتادوا على متابعة القنوات والمجموعات الإخبارية على منصات التواصل الاجتماعي، ومعرفة الأحداث وتطوراتها من خلالها.
ويضيف لـ»الشرق»: مع انفصال شبكة الإنترنت، تصيبنا حالة من الارتباك، فنسمع الانفجارات في محيطنا دون أن نعرف مصدرها أو ما تسفر عنه، وبعد عودة الإنترنت نتفاجأ بفقد أقارب أو أصدقاء بفعل الغارات التي لا تتوقف على مدار الساعة.

بينما يرى النازح حسن عبد ربه، أن من أصعب الأوقات التي تمر عليه في خضم الحرب، حين تنقطع وسائل الاتصال والتواصل مع الأهل، حيث تقيم نصف عائلته في مخيم جباليا ونصفها الآخر في خان يونس، ويتواصل معهم باستمرار للاطمئنان عليهم، رغم صعوبة الاتصال وإجراء المكالمات.
ويوالي لـ»الشرق»: قطع الاتصالات والإنترنت، عادة ما يتبعه قصف عنيف، فينتابنا شعور بالخوف والقلق على مصير الأهل في خان يونس، ونمر بمرحلة صعبة من حرق الأعصاب، قبل عودة الاتصال، والتواصل معهم من جديد.

وأبان عبد ربه أن البحث عن الإنترنت والاتصال أصبح مهمة شاقة وصعبة، إذ دفع الانقطاع المتكرر لهذه الخدمة، بمئات النازحين، لخوض رحلات محفوفة بالمخاطر، للظفر بالاتصال ولو لبضع دقائق، للاطمئنان على ذويهم، خصوصاً في المناطق التي يطولها القصف.
ويخاطر مواطنون غزيون بأنفسهم، ضمن مساعيهم للحصول على خدمة الإنترنت، فيصعدون أحياناً فوق المباني العالية، كي يتمكنوا من الاتصال بالشبكة، لكن هذا يجعلهم عرضة للقصف، في حال شن الجيش الإسرائيلي غارات على مناطق قريبة، كما يقول أحمد التمام من مخيم الشاطئ، مبيناً أنه يقطع بشكل شبه يومي، نحو ثلاثة كيلو مترات، للحصول على التغطية، والرد على الرسائل التي تصله من ذويه في رفح، أو التواصل مع أقاربه المقيمين خارج قطاع غزة. 

ولفت التمام إلى أن البحث عن البدائل لا يخلو من الخطورة، فاحتمالات استهداف المواطنين أثناء تنقلهم تظل مرتفعة، لكنهم مضطرون للمغامرة، فالاتصال ضرورة ملحة، وفي أحيان كثيرة يقطعون مسافات طويلة دون جدوى.
ويشكو النازحون في جنوب قطاع غزة من صعوبة التواصل مع ذويهم في وسط غزة وشمالها، حيث تشهد تلك المناطق غيابا شبه تام لشارات الإرسال الخاصة بالإنترنت، لكن ليست هذه المعاناة فحسب، إذ شحن بطاريات الهواتف النقالة أصبح مهمة صعبة أيضاً، في ظل الانقطاع المتواصل للكهرباء، ونفاد الوقود، واستحالة تشغيل المولدات التي يمتلكها مواطنون.