مركز قطر لتطوير المهنة: حلقة وصل حيوية بين التعليم وسوق العمل ودعم استعداد الأجيال للوظائف المستقبلية

مركز قطر لتطوير المهنة: حلقة وصل حيوية بين التعليم وسوق العمل ودعم استعداد الأجيال للوظائف المستقبلية

أكد السيد سعد عبدالله الخرجي المدير التنفيذي لمركز قطر للتطوير المهني، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، المكانة التي يمثلها المركز كجسر حيوي بين التعليم وسوق العمل، وداعما لجاهزية الأجيال لوظائف المستقبل من خلال منظومة متكاملة للبرامج التفاعلية على مدار العام، تغطي مراحل متعددة من مسيرة الطلبة، بدءاً من التحصيل الأكاديمي وحتى الالتحاق بسوق العمل.
وأوضح الخرجي، في مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن المركز، وانطلاقاً من إيمانه العميق بأهمية التدخل المهني المبكر، ينفذ مجموعة من برامج المعايشة المهنية تبدأ بمبادرة "الموظف الصغير"، التي مكّنت، على مدى خمس نسخ، أكثر من 2000 طفل تتراوح أعمارهم بين 7 و15 عاماً من مرافقة ذويهم في أماكن عملهم، والتعرّف على مفاهيم أساسية في عالم العمل.
وأضاف أن المركز ينظم أيضاً فعالية "القرية المهنية"، التي استقطبت، في آخر نسخة لها، أكثر من 40 جهة من القطاعين العام والخاص، ومن مختلف المجالات الاقتصادية الحيوية بالدولة، ووفرت فرص محاكاة واقعية لمهن المستقبل لما يزيد على 12 ألف طالب وطالبة من المرحلة الثانوية، وذلك منذ انطلاقتها عام 2017 عبر ست نسخ متتالية.
وأشار إلى أن فعالية "القرية المهنية" تُمثّل المرحلة الأولى من رحلة الطالب نحو اكتشاف ميوله، يليها برنامج "مهنتي – مستقبلي"، الذي يتيح لهم خوض تجربة تدريب داخلي تمتد لأسبوع كامل ضمن جهات العمل التي يختارونها بما يتماشى مع اهتماماتهم وطموحاتهم الأكاديمية والمهنية.
ولفت إلى أن البرنامج درّب حتى الآن أكثر من 500 طالب وطالبة، بمعدل تجاوز 12 ألف ساعة تدريبية تراكمية، كاشفاً عن انطلاق نسخة موسعة من البرنامج يوم الأحد الموافق 6 يوليو الجاري، تستضيف أكثر من 250 طالباً وطالبة من مختلف مدارس الدولة، يتوزعون على 25 جهة من قطاعات متنوعة تشمل الطب، والطيران، والطاقة، والإعلام، والاتصال، والمال، وإدارة الأعمال، والقضاء، والسياحة، والإدارة الرياضية، والتكنولوجيا، والهندسة، والاتصالات، والعمل الإنساني والاجتماعي، وغيرها من التخصصات المرتبطة بمسارات التنمية المستدامة في الدولة.
وبيّن المدير التنفيذي للمركز أن هذه البرامج تتكامل مع خدمات مهنية أخرى، من أبرزها برنامج "الدليلة" الذي يوفّر جلسات إرشاد فردي تخصصية، إلى جانب منشورات توعوية مثل مجلة "دليلك المهني"، التي يُعمل حاليًا على إصدار عددها السادس عشر مع بداية العام الأكاديمي 2025/2026، فضلاً عن ورش العمل التدريبية التي تُنظم في مختلف المؤسسات بناءً على طلبها.
وفيما يتعلق بدور المركز في سد الفجوة بين التعليم الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل، أكد الخرجي أن برامج الإرشاد الميداني والتدريب العملي والمعايشة المهنية والحملات التوعوية، تُمكّن الطلبة من فهم واقع سوق العمل، وتربط المعرفة النظرية بالتطبيق العملي، بما يُسهم في تحقيق أحد محاور رؤية قطر الوطنية 2030، وهو تنمية رأس المال البشري. وقال إن المركز يمثل جسراً حيوياً بين النظرية والتطبيق، ورافداً أساسياً لسوق العمل بكوادر مؤهلة ومتمكنة.
وعن أبرز القطاعات التي يستهدفها المركز لتزويد الطلبة بالمهارات والخبرات، أشار إلى أن اختيار هذه القطاعات يتم بناءً على عدة اعتبارات، من بينها الاطلاع على بيانات سوق العمل، والتشاور المستمر مع الشركاء في قطاعي التعليم والعمل وصناع السياسات، إلى جانب نتائج الدراسات الميدانية التي يجريها المركز، والاستطلاعات التي تقيس طموحات وميول الشباب في الدولة.
وأوضح أن التركيز يتم على مجموعتين من القطاعات: الأولى هي القطاعات الاستراتيجية الراسخة، مثل الطاقة، والصناعات التحويلية، والمال وإدارة الأعمال، والطيران، والنقل، والرعاية الصحية المتقدمة، لما لها من دور أساسي في دعم الاقتصاد الوطني، والثانية هي القطاعات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المالية، والرياضة، لما تمثّله من فرص مستقبلية واعدة.

وأكد السيد سعد عبدالله الخرجي اعتماد المركز نهجاً تشخيصياً متكاملاً في الإرشاد المهني، عبر نظام إلكتروني متطور يشمل تقييمات نفسية وتحليل الشخصية وتقديم التوصيات بالمسارات الأنسب لكل طالب، كما يوفر برنامج "الدليلة" خمس جلسات فردية تُترجم نتائج هذه التقييمات إلى خطط دراسية ومهنية ملموسة، وقد أظهرت الدراسات ارتفاع مستوى وعي المشاركين بعد إكمال البرنامج.
وحول جهود المركز في تأسيس منظومة وطنية للتوجيه والتطوير المهني، قال المدير التنفيذي إن المركز ينظم "لقاء شركاء التوجيه المهني" بشكل دوري لتنسيق الجهود بين مختلف الجهات المعنية، مشيراً إلى أن المركز، وبالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، نظم جلسة حوارية لوضع اللبنات الأولى لتأسيس هذه المنظومة، تحت رعاية سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، وزير التربية والتعليم والتعليم العالي.
وأضاف الخرجي أن الجلسة تضمنت مجموعات عمل مصغرة، وخرجت بتوصيات تهدف إلى ترجمة أهداف الشركاء إلى خطة تنفيذية تدعم استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة لدولة قطر (2024-2030)، خاصة في ما يتعلق بمحور تنمية رأس المال البشري وتعزيز الجاهزية لسوق العمل.
وأكد أن المركز يتبنى نهجًا يقوم على مبدأ "التوجيه المهني مدى الحياة"، يبدأ منذ الطفولة، مشيرًا إلى برامج توعوية وتثقيفية مثل "الموظف الصغير"، وحملات إعلامية عبر مختلف الوسائط، فضلًا عن إصدارات متنوعة تخاطب الطلبة وأولياء الأمور بلغة عصرية، وتكرّس ثقافة التعلم المستمر واتخاذ قرارات مهنية مستنيرة.
وفي سياق متصل، لفت المدير التنفيذي لمركز قطر للتطوير المهني إلى أن أبرز التحديات التي تواجه التوجيه المهني في المجتمع هي ضعف الوعي بأهميته، وتأخر الطلاب في اكتشاف ميولهم، وضغوط الأسرة والمجتمع على الأبناء، إلى جانب التغير السريع في سوق العمل الذي يصعب على المناهج التقليدية مجاراته، بالإضافة إلى الحاجة لزيادة عدد الكوادر المتخصصة في الإرشاد المهني ورفع كفاءاتها.
وأوضح أن المركز يعمل على مواجهة هذه التحديات من خلال مبادرات مثل "ملتقى المرشدين المهنيين"، الذي ينظمه سنوياً بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، ويستهدف تدريب أكثر من 250 مرشداً على أحدث أساليب الإرشاد المهني.
وفي ختام حديثه لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أكد السيد سعد عبدالله الخرجي المدير التنفيذي لمركز قطر للتطوير المهني أن الاستراتيجية المستقبلية للمركز تنبثق من مشروع المنظومة الوطنية للتوجيه والتطوير المهني، وتتمحور حول ثلاث أولويات رئيسية، هي: تسريع التحول الرقمي في خدمات التوجيه المهني، من خلال تطوير أنظمة التقييم المعززة بالذكاء الاصطناعي وتقديم الإرشاد عبر منصات إلكترونية آمنة؛ بالإضافة إلى استكمال الأطر الوطنية لاحترافية الممارسين في مجال التوجيه المهني، عبر خطط تشغيلية واضحة ومعايير موحدة وبرامج تدريب معتمدة؛ إلى جانب تعزيز الشمولية، من خلال تصميم برامج مخصصة لذوي الإعاقة وصعوبات التعلم، مثل برنامجي "لأنك تقدر" و"معًا نزدهر"، وذلك دعمًا لقرارات الدولة في مجال التوظيف والدمج المجتمعي، مؤكدا أن هذه الركائز تهدف إلى بناء قوة عمل وطنية تتمتع بجاهزية مهنية حقيقية، وقابلية للتعلّم والتكيّف، وتعزز تنافسية الدولة إقليمياً وعالمياً، وتسهم في استدامة الاقتصاد المعرفي لدولة قطر.