تصاعد العدوان على غزة بعيدًا عن الأنظار

يمضي كيان الاحتلال الإسرائيلي في ممارسة الخداع والمراوغة، بادعاء خفض وتيرة عملياته العسكرية البرية، بالتزامن مع عدوانه على إيران، إذ روّجت وسائل إعلام إسرائيلية أن جيش الاحتلال انسحب من مناطق ومساحات ملموسة، وسجل تراجعاً ملحوظاً من مناطق كان قد دخلها بعمق مئات الأمتار، وتحت قصف عنيف.
غير أن الواقع على الأرض لا يشير إلى أي تغيير، ففي الوقت الذي انخفض فيه المجهود العسكري الإسرائيلي البري، ازداد عمل سلاح الجو، فلم تتوقف عمليات القصف من الطائرات الحربية والمسيّرة، التي شوهدت وهي تحوم في سماء غزة، وتمطر طوابير المجوّعين بقذائفها وصواريخها، ما أوقع شهداء وجرحى جدداً.
ولا يزال المواطنون الأبرياء يدفعون ثمن هذه السياسة المخادعة لجيش الاحتلال، فيسقطون بالعشرات خلال محاولتهم التقدم باتجاه مراكز توزيع المساعدات المسمّاة إنسانية، أو "مصائد الموت" كما يصفونها.
يدلل على ذلك، أنه منذ اندلاع المواجهة الإسرائيلية الإيرانية، لم يشهد قطاع غزة أي تحسن على مستوى ايصال المساعدات للمواطنين الجوعى، أو تهدئة وتيرة الحرب، إذ طغت الغارات المفاجئة لجيش الكيان على المشهد، وإثر هذه السياسية، اشتدت المجاعة المميتة التي تضرب قطاع غزة منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر، وأدت إلى نفاد المواد الأساسية وعلى رأسها الطحين، وارتفاع أسعار ما بقي منها.
"ما يحدث هو خداع للعالم، بأخبار غير دقيقة بأن جيش الاحتلال انسحب من مناطق في قطاع غزة، وأن قصفه المدفعي قد تراجع، والصحيح أنه أجرى تغييراً في نسق الهجمات، وظل يهاجم المواطنين في محيط مراكز توزيع المساعدات، وليس أدل على ذلك من أن حصيلة الشهداء ما زالت مرتفعة" هكذا لخص المواطن نادر المصري من بلدة بيت حانون ما يجري في قطاع غزة، منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران.
يشرح المصري لـ "الشرق": "إسرائيل تسعى إلى خداع العالم، بتصدير أخبار ملفقة، مفادها تراجع عمليات قواتها البرية في قطاع غزة، وهذا في الحقيقة لا يمت للواقع بصلة، فلم نشهد أي تغيير على الأرض، جيش الاحتلال يواصل فرض التجويع على النازحين، والمساعدات لا زالت شحيحة، والقصف لم يتوقف، ولا سقوط الشهداء والجرحى".
بينما عزا مواطنون نصب جيش الاحتلال الكمائن للمواطنين في محيط مراكز توزيع المساعدات، إلى انشغال العالم بالحرب الإسرائيلية مع إيران، ولم يخف كثيرون مخاوفهم من استمرار تأثير الحرب بين تل أبيب وطهران، على وتيرة إدخال المساعدات، ومواصلة ارتكاب المجازر الدامية بحق المواطنين العزل.
فيرى المواطن سلمان أبو صفية من مخيم جباليا، أن الأوضاع في قطاع غزة ستزداد سوءاً على مستوى الحصار والتجويع، وقتل المدنيين، مع انشغال العالم عن معاناة أهل غزة، بحيث باتت الأنظار منصبة على تطورات وتداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
ويضيف لـ "الشرق": "توقعنا أن تخف حدة الحرب في القطاع، نتيجة لانشغال جيش الاحتلال وطائراته ومسيّراته بالتصدي للضربات الإيرانية، لكن ما جنيناه هو فقط تراجع الاهتمام الإعلامي والدولي بالحرب على غزة، وهذا سيمنح الكيان الفرصة لارتكاب مزيد من القتل والتجويع، بعيداً عن الأعين".
وبدت بعض المناطق في قطاع غزة خالية بالفعل من أي تواجد لقوات الاحتلال، ما بث أجواء من الطمأنينة في نفوس السكان، الذين خفوا مسرعين إلى مراكز المساعدات، لكنهم وقعوا في الفخ مجدداً، إذ كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية بانتظارهم، وراحت تسقط قنابلها عليهم.