مجلة الصحافة تشيد بتداخل المهنة مع مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية

صدر في حلة أنيقة العدد السابع والثلاثون من مجلة الصحافة التابعة لمعهد الجزيرة للإعلام تحت عنوان: من السبق إلى التأني.. العلوم الاجتماعية وإعادة اكتشاف الصحافة» ويشير العنوان إلى أن الصحافة لم تعد مجرد مهنة لنقل الأخبار، بل أصبحت مجالًا معرفيًا يتقاطع مع العلوم الإنسانية والاجتماعية، لتعيد من خلاله اكتشاف ذاتها وتوسيع أدواتها في قراءة العالم وتحليل تعقيداته المتزايدة.
يتناول العدد الجديد من مجلة الصحافة الروابط الممكنة بين الصحافة والعلوم الاجتماعية، في محاولة لاستكشاف كيفية إسهام الأدوات الأكاديمية والمناهج البحثية في تجديد العمل الصحفي وتوسيع مجالات رؤيته وتحليله للواقع وتحسين جودة التغطية وزوايا المعالجة.. كما يطرح قضايا محورية ترتبط بإعادة التفكير في مفاهيم المهنة، ويعيد مساءلة بعض الأسس التقليدية التي حكمت الصحافة لعقود، ويعكس توجهًا نحو إدماج مناهج وأدوات علم الاجتماع في العمل الصحفي.
وقال محمد أحداد سكرتير تحرير مجلة الصحافة في تصريحات خاصة لـ الشرق: قبل سنتين تقريبا، كان منتدى كليات الصحافة في العالم العربي المنظم من معهد الجزيرة للإعلام، يناقش موضوع انفتاح الصحافة على العلوم الاجتماعية كضرورة مهنية مضادة للرؤية الرأسمالية التجارية لإنتاج الأخبار.
لم يكن استخدام كلمة «انفتاح» عشوائيا، بل مؤطرا بالجدل المستمر حول حدود الصحافة والعلوم الاجتماعية وطرق الاستخدام وتوجُّس الأكاديميين من الطبيعة الاختزالية للصحافة، وخوف الصحفيين من التعقيد والتجريد والتعالي على الوقائع من لدن علماء الاجتماع، وهو توتر وجد صداه داخل الجامعات، وفق دراسة أجرتها الدكتورة وفاء أبو شقرا، الأستاذة في كليّة الإعلام في الجامعة اللبنانيّة، حيث لا يزال تدريس العلوم الاجتماعية والإنسانية مطوقا بمقاربة أكاديمية جامدة.
وأوضح بقوله: من وجهة نظر العلاقة بين علماء الاجتماع والصحفيين، فإن التأثير المتبادل ينطلق من دافع التطور التكنولوجي الذي رسخ ممارسات صحفية جديدة سمتها الأساسية السرعة والإيجاز والخضوع لسلطة الجمهور وضغوطات السلطة.
مضيفا: يمكن حصر تأثير هذه التحولات في ارتباط قياس تأثير الصحافة بمعايير جديدة مثل الأرقام والمبيعات وحصة سوق الإعلانات التي تسمح بإجراء مقارنة مع المنافسين المباشرين لا على أساس مهني بل بهاجس تجاري محض، ثم هناك آثار التشبع من التغطيات الإعلامية للأحداث الكبرى وما قد ينتج عنه من مخاطر نزع السياق، مثلما يحدث اليوم في حرب الإبادة الجماعية في فلسطين.
وأكد أن هذه التحولات الجديدة جرّدت الصحافة من وظائفها التقليدية في المحاسبة والمراقبة وحق الجمهور في المعرفة والمساهمة في تكريس التجارب الديمقراطية، وكان ضروريا على وسائل الإعلام التي تقاوم إغراءات السلطة والمال، أن تبني نموذجا جديدا يقترب من العلوم الاجتماعية والإنسانية دون أن تتبناها كحقل لديه خصوصيته.
لافتا الى أن هذا الانفتاح على العلوم الاجتماعية والإنسانية يتيح هوامش جديدة للصحفيين؛ لتأطير الأحداث المعقدة والحساسة ضمن سياقاتها الحقيقية، وتحسين جودة التغطية ودقتها، وبناء زوايا معالجة أصيلة.
جدير بالذكر أن العدد السابع والثلاثين من مجلة الصحافة تضمن باقة من المقالات كتبها صحفيون وباحثون من خلفيات مهنية وأكاديمية متنوّعة، عالجوا من خلالها تقاطعات الصحافة مع العلوم الاجتماعية في مستوياتها النظرية والميدانية.