حصار الضفة الغربية: العبور من خلال ثقب الإبرة!

حصار الضفة الغربية: العبور من خلال ثقب الإبرة!

مستغلاً عدوانه على إيران، يمضي كيان الاحتلال في تشديد الحصار على الضفة الغربية، وعزل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها، إذ عادت السجون الجماعية إلى الواجهة، وسجلت الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية والمكعبات الإسمنتية قفزة نوعية، ضمن سلسلة العقوبات الجماعية، التي يفرضها الكيان الإسرائيلي على الفلسطينيين.

سجون جماعية قد تختلف أحجامها، لكنها تتشابه في الفصل بين المريض وطبيبه، وبين الموظف ومكان عمله، وحتى بين أفراد العائلة الواحدة، ولكل قصته مع الحواجز والطرق الالتفافية، ومع جنود الاحتلال المتحفزين للقتل في أي لحظة.
عدد من الحواجز العسكرية، تحيط بالمدن والقرى والبلدات الفلسطينية إحاطة السوار بالمعصم، ما يجعل دخول وخروج المواطنين أمر في غاية الصعوبة و»سم الخياط » أو ثقب الإبرة كما يصفه المواطنون .

مسنون، لم يفلتوا من القبضة الحديدية، لكنهم لم يستسلموا، وكأنهم يقولون لجنود الاحتلال: «الحياة أقوى دائماً» فيقطعون البوابات الحديدية، حاملين أغراضهم الشخصية، غير آبهين بتلك الحواجز، وثمة مركبات عالقة، هي ليست معطّلة، لكن «قطّاع الطرق» أغلقوا الطريق. وتنذر ممارسات قوات الاحتلال في الضفة الغربية بتصعيد خطير، فما بين الاجتياحات المتواصلة للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، والاقتحامات شبه اليومية للمسجد الأقصى المبارك، ومواصلة التهويد والزحف الاستيطاني، بلغت الأوضاع حداً لا يطاق، بل إنها تجاوزت كل الحدود والخطوط الحمراء، كما يقول المواطن عايد غفري من بلدة سنجل شمال شرق رام الله.

يقول غفري، إن جيش الاحتلال أغلق الطريق المحاذي لبلدته، الذي يعد قلب الضفة الغربية، ويصل بين مدينتي رام الله ونابلس، ولا يزال ينصب بوابة حديدية على مدخل سنجل، التي يحيط بها سياج حديدي كان جيش الكيان شيّده قبل نحو الشهرين، ما عزل البلدة بشكل كامل، وحولها إلى سجن.
والحال في سنجل، ينسحب على عديد القرى والبلدات الفلسطينية، التي تشهد كذلك اعتداءات لعصابات المستوطنين، تطال المنازل والممتلكات والحقول الزراعية، كما جرى في قرى المغيّر وترمسعيا ودير دبوان وبروقين، وغيرها. وممارسات الاحتلال هذه، لا تُقرأ في سياق الإجراءات الاحترازية بفعل اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران، كما يزعم جيش الاحتلال، بل تمهد لما هو أبعد من ذلك، وتندرج في سياق تهيئة الأجواء لإعادة احتلال الضفة بالكامل، كما يقول مراقبون.

إذ وفق الكاتب والمحلل السياسي محمـد النوباني، فالاقتحامات الإسرائيلية في سائر أرجاء الضفة الغربية، تؤشر على أن إسرائيل تسعى لكي تكون كلمتها هي العليا على امتداد الأرض الفلسطينية، ولا تعترف بأي سلطة فعلية على الأرض، غير قوتها العسكرية.
ويواصل: «الاحتلال يريد ايصال رسالة، بأن جيشه هو صاحب اليد الطولى في الضفة الغربية، وأن الخطوة القادمة، بالتوازي مع مواصلة العدوان على قطاع غزة، تتمثل في العودة لصيغة الاحتلال الكامل للضفة، وإضعاف السلطة الفلسطينية، وربما استبدالها بالإدارة المدنية الإسرائيلية».
ومع فرض الإغلاق الشامل عليها، انحسرت حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية، ولفت مواطنون إلى أن تنقلهم بين المدن والقرى بات يستغرق ساعات طويلة، ويتخلله سلوك طرق ترابية وعرة، كما ساهم الحصار في إعاقة الحركة التجارية في الضفة، استناداً إلى شهادات مواطنين وأصحاب محال تجارية.