عاجل | سيناريوهات اقتصادية معقدة: توقعات بخسائر السياحة والتحويلات تهدد “الدولار”.. ونصائح لتقليل العجز

كشف خبراء الاقتصاد عن عدد من السيناريوهات الاقتصادية الصعبة التي من المتوقع أن تشهدها البلاد جراء تصاعد وتيرة الحرب الإيرانية الإيرائيلية، موضحين روشتة اقتصادية يجب على الحكومة تنفيذها للخروج بشكل آمن من تأثير تلك الحرب.
وفي السياق، قال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي والمصرفي، إن تصاعد وتيرة الحرب الإيرانية – الإسرائيلية ينذر بسيناريوهات اقتصادية صعبة وغير طبيعية في المنطقة، مشيرًا إلى أن إيران قد تلجأ إلى إغلاق مضيق هرمز كورقة ضغط سياسية واقتصادية خطيرة في حال سقط النظام الإيراني أو واجه تهديدًا مباشرًا، وهو ما قد يدفع الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري المباشر بدعوى حماية المصالح الدولية، وهو تدخل “تسعى إليه واشنطن”.
وأضاف النحاس، في تصريح لـ”الرئيس نيوز”، أن تداعيات الأزمة ستكون غير مباشرة على مصر، لكنها ستضرب دول الخليج في الصميم، مما ينعكس بطبيعة الحال على الاقتصاد المصري، موضحًا أن أي اضطراب في هذه الدول سينعكس على استثماراتها وتحويلات عمالتها، والتي تمثل شريانًا أساسيًا للعملة الصعبة في مصر.
خسائر متوقعة في موارد مصر الدولارية
وأكد النحاس أن استمرار الأزمة سيؤدي إلى تراجع الإيرادات الدولارية لمصر من عدة مصادر حيوية، أبرزها: مرور السفن في قناة السويس، وتحويلات المصريين في الخارج، والاستثمارات الأجنبية التي ستشهد هروبًا كبيرًا، وقال: “لدينا نحو 38.5 مليار دولار استثمارات غير مباشرة، ومن المرجح أن يخرج منها ما لا يقل عن 20 مليار دولار، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية”.
كما نبه إلى أن توقف واردات الغاز الطبيعي سيؤثر بشكل مباشر على الصناعة، متوقعًا أن تتعطل مصانع الأسمدة التي تعتمد على الغاز، وهو ما يعرض صادرات مصر من الأسمدة والتي تبلغ نحو 2.6 مليار دولار للخطر.
وانتقد النحاس الأداء الحكومي في التعامل مع الأزمة، قائلًا: “الحكومة لا تملك رؤية واضحة لإدارة الوضع”، محذرًا من أن الأداء الحكومي بات مؤشرًا خطيرًا، والقرارات لا تعكس استيعابًا لطبيعة المرحلة.
مفاوضات مصر مع صندوق النقد
وفيما يخص علاقة مصر بصندوق النقد الدولي، أوضح النحاس أن الفترة الزمنية المتبقية حتى نهاية البرنامج الحالي مع الصندوق – المحدد في 2026 – تفرض ضغوطًا شديدة على الدولة، حيث تبقى 5 مليارات دولار فقط من القرض لم تصرف بعد، وقال: “لا يوجد وقت للتفاوض، وعلى الدولة أن تنفذ إصلاحاتها بسرعة للحصول على ما تبقى من القرض.
من جهته، أكد الدكتور كريم العمدة، الخبير الاقتصادي، أن سيناريوهات تطور الحرب الإيرانية – الإسرائيلية تطرح جميعها نتائج اقتصادية مفزعة على المنطقة بأكملها، بما فيها مصر، مشددًا في الوقت ذاته على أن التصعيد العسكري الشامل لا يزال مستبعدًا لأن “الجميع سيخرج خاسرًا من هذه الحرب، ولن يكون هناك منتصر حقيقي”.
وأوضح العمدة، في تصريح خاص، أن إيران قد تستخدم ورقة إغلاق مضيق هرمز كورقة ضغط إستراتيجية، لكنها لن تلجأ فعليًا إلى تنفيذها، لأن تداعياتها ستكون كارثية على الجميع، بما في ذلك إيران نفسها وحلفاؤها في الصين والدول العربية، لافتًا إلى أن “الصين هي أكبر مستورد للوقود من الخليج، وبالتالي فإن أي خلل في الإمدادات سيؤثر مباشرة على اقتصادها”.
ارتفاع أسعار البترول
وأشار العمدة إلى أن احتمالات إغلاق مضيق هرمز دفعت بتوقعات أسعار البترول إلى مستويات غير مسبوقة، موضحًا أن برميل النفط قد يصل إلى ما بين 250 إلى 300 دولار إذا انفجر الوضع بالكامل.
وتابع: “الوحيد المستفيد من هذا السيناريو هو روسيا، كونها أكبر منتج للبترول، بينما أمريكا ستتضرر مثل غيرها ولن تقبل بوقوع مثل هذه القفزة في الأسعار”، مؤكدًا أن “الاضطراب في الإقليم يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار المالي للأسواق”.
السياحة والاستثمار في مواجهة التهديد
وفيما يتعلق بتأثير الأزمة على مصر، أشار العمدة إلى أن القطاع السياحي بدأ يشهد بعض التراجع في حجم الحجوزات رغم الاستعدادات الكبيرة لموسم كان يتوقع أن يكون استثنائيًا، وقال: “حتى الآن، التأثير لا يزال محدودًا، لكن إذا تصاعدت المواجهات العسكرية، فإننا قد نشهد موجة إلغاء حجوزات جديدة، وضعفًا كبيرًا في الإقبال على المقصد السياحي المصري، وهو ما سيكون ضربة مباشرة للاقتصاد”.
وأكد أيضًا أن الاستثمارات الأجنبية في المنطقة بالكامل أصبحت معرضة للارتباك، مشيرًا إلى أن المستثمرين يفضلون الانسحاب المؤقت من الأوضاع غير المستقرة.
ضغط على الدولار
وأوضح العمدة أن سعر صرف الدولار في مصر تأثر فورًا بالتوترات، حيث ارتفع من نحو 49 إلى أكثر من 50 جنيهًا، وفيما يتعلق بتحريك أسعار البنزين والوقود محليًا، أشار إلى أن هذا الملف يخضع للتشاور مع صندوق النقد الدولي، وأن الصندوق قد يبدي تفهمًا لتأجيل القرار نظرًا لأن الأحداث إقليمية وخارجة عن إرادة الحكومة.
الدين يتفاقم.. والحل في الترشيد والتحوط
وحذر العمدة من أن عجز الموازنة يتزايد سنويًا، ويتخطى المستهدفات الحكومية، بالتوازي مع تراجع الإيرادات وسط الأزمات، لافتًا إلى أن الحكومة تحتاج إلى مراجعة جادة لترشيد الإنفاق، والتحوط من تقلبات أسعار البترول عبر التعاقد على عقود آجلة بأسعار منخفضة لفترات تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر.
الذهب ملاذ آمن وسط التوترات
وفي ختام تصريحاته، أشار العمدة إلى أن الذهب يظل الملاذ الآمن في مثل هذه الأزمات، موضحًا أن “الناس تهرب من العملات والدولار وتشتري الذهب باعتباره أداة تحوط موثوقة”، متوقعًا أن يستمر ارتفاع أسعار الذهب طالما ظلت المواجهات العسكرية قائمة في المنطقة.