تركيا تسعى لتحقيق فوائد استراتيجية وسط استمرار تدخل إيران في النزاع مع إسرائيل

تركيا تسعى لتحقيق فوائد استراتيجية وسط استمرار تدخل إيران في النزاع مع إسرائيل

في خضم التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل في يونيو 2025، برزت تركيا كلاعب دبلوماسي بارز يسعى لاستغلال الصراع لتعزيز نفوذها الإقليمي والعالمي، مع الحفاظ على توازن دقيق بين إدانتها لإسرائيل وعرضها للوساطة. 

وفقًا لصحيفة آراب ويكلي، دانت تركيا بشدة العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، واصفة إياها بانتهاك صارخ للقانون الدولي، لكنها في الوقت ذاته استثمرت في الدبلوماسية لتأكيد دورها كوسيط، مستلهمة تجربتها في نزاع روسيا-أوكرانيا. 

يرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هذا الصراع فرصة لإبراز تركيا كقوة عالمية قادرة على الجمع بين الدبلوماسية والقوة الصلبة، مع إضعاف نفوذ إيران في مناطق تنافس تقليدية مثل سوريا والعراق.

وتكتسب تركيا أرضية استراتيجية في ظل ضعف إيران الإقليمي، خاصة بعد انهيار نظام الأسد في سوريا، الذي كان حجر زاوية في نفوذ طهران. 

وفقًا لصحيفة آراب ويكلي، فإن استهداف إسرائيل لقيادات وقدرات الحرس الثوري الإيراني يهدد بتقليص قدرة إيران على الحفاظ على تحالفاتها في سوريا والعراق، حيث تعمل تركيا على تعزيز وجودها من خلال التعاون الاقتصادي والأمني مع بغداد والحكومة الإقليمية الكردية. إذا استمر ضعف إيران بسبب المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، فقد تتمكن تركيا من ملء الفراغ الإقليمي، مما يعزز موقعها كقوة مهيمنة في الشرق الأوسط.

على الصعيد الدبلوماسي، اتخذ أردوغان خطوات حثيثة لترسيخ دور تركيا كوسيط. 

وفقًا لصحيفة آراب ويكلي، أجرى أردوغان اتصالات مكثفة مع قادة إقليميين ودوليين، بما في ذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي أكد له استعداد تركيا لتسهيل وقف فوري لإطلاق النار واستئناف المفاوضات النووية. 

كما تواصل أردوغان مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشددًا على أن الدبلوماسية النووية هي السبيل الوحيد للحل، وعرض تركيا كوسيط لمنع “التصعيد غير المنضبط”. 

في محادثة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، انتقد أردوغان الهجمات الإسرائيلية، واصفًا إياها بأنها “تهديد واضح” للنظام الدولي، بينما دعا إلى استقرار إقليمي.

على المستوى العربي، سعى أردوغان إلى حشد دعم قادة المنطقة لجهود التهدئة. وفقًا لصحيفة آراب ويكلي، أكد في محادثات مع سلطان عمان هيثم بن طارق والملك الأردني عبد الله الثاني على أهمية الحوار والالتزام بالقانون الدولي، محذرًا من أن المنطقة “لا تتحمل أزمة أخرى”. 

كما وصف في حديثه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الهجمات الإسرائيلية بأنها “التهديد الأكبر لاستقرار المنطقة”، مشددًا على ضرورة وقف الضربات فورًا والعودة إلى المفاوضات لتجنب حرب مدمرة قد تؤدي إلى موجات هجرة غير نظامية. هذه الجهود تعكس طموح تركيا لتعزيز نفوذها الدبلوماسي مع الحفاظ على موقفها العلني المناهض لإسرائيل.

رغم هذه المبادرات، تواجه تركيا تحديات في تحقيق وساطة ناجحة، حيث تستمر إسرائيل في تصعيد هجماتها، بينما أكدت إيران أنها لن تتفاوض تحت النار. 

وفقًا لرويترز، طلبت إيران من تركيا، إلى جانب قطر وعمان، الضغط على ترامب لإقناع إسرائيل بالهدنة، مع استعداد طهران لتقديم تنازلات نووية. 

ومع ذلك، فإن تصريحات ترامب، التي ألمحت إلى سعيه لـ”نهاية حقيقية” للصراع بدلًا من هدنة مؤقتة، قد تعقد جهود أنقرة. 

تسعى تركيا من خلال هذه الأزمة إلى ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية لا غنى عنها، لكن نجاحها يعتمد على قدرتها على إقناع الأطراف المتحاربة بالعودة إلى طاولة الحوار.