اجتماعات إسرائيلية مكثفة لمناقشة الاقتراح المعدل من الوسطاء لوقف إطلاق النار وسط مخاوف من تصلب نتنياهو.

تنعقد هذه الأيام اجتماعات مكثفة فى إسرائيل، وداخل حركة حماس، لمناقشة المقترح المعدل للمبعوث الأمريكى، ستيف ويتكوف، حول وقف إطلاق النار فى قطاع غزة.وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلى إن رد إسرائيل على مقترحات الهدنة الجديدة فى غزة صيغ فى اجتماع لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع وزير الدفاع، ووزير الشئون الاستراتيجية، أمس.ونقلت إذاعة جيش الاحتلال، عمن وصفته بأنه «مصدر مطلع»، قوله إن إسرائيل عملت على صياغة ردها على مقترحات الوسطاء المعدلة، ونُقِلت إلى حماس.وحول ذلك، أكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطينى، أن الجهود المصرية والقطرية، بدعم أمريكى وعربى، تواصلت خلال الفترة الماضية، لصياغة اتفاق هدنة معدل بين إسرائيل وحركة حماس، يهدف إلى وقف الحرب المتصاعدة فى قطاع غزة.وأوضح الرقب، لـ«الدستور»، أن المقترح المعدل- حسبما وصفته وسائل إعلام عبرية- يتضمن إطلاق سراح ثمانية محتجزين إسرائيليين فى اليوم الأول من الهدنة، على أن يتم الإفراج عن آخر المحتجزين فى اليوم الأخير، وسط وعود أمريكية باستمرار الجهود لإنهاء الحرب بشكل كامل.وأشار إلى أن حركة حماس أبدت موافقة مبدئية على المقترح المعدل، كونه يمثل فرصة مهمة لوقف «المجزرة الكبرى» ضد الشعب الفلسطينى، والتقاط الأنفاس فى ظل الوضع الإنسانى المتدهور.وحذّر «الرقب» من أن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، قد يرفض الاتفاق، خوفًا من اعتباره هزيمة سياسية، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة فى ١٨ يوليو المقبل، التى يسعى خلالها لتحقيق مكاسب سياسية عبر تصعيد عسكرى.وأضاف أن نتنياهو يطمح لإنشاء نموذج «آمن» بديل لحركة حماس فى قطاع غزة، بمساعدة قوى محلية موالية لإسرائيل، رغم فشل التجارب السابقة فى هذا الإطار، مشيرًا إلى ترقّب إعلان إسرائيلى بالموافقة على المقترح خلال الأيام المقبلة.وأكمل: «من المرجح أن يكون السبت أو الأحد المقبلين موعدًا حاسمًا لوقف الحرب».فيما أكد القيادى الفلسطينى، خالد عبدالمجيد، أن هناك مؤشرات إيجابية بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة، فى ضوء المقترح الأخير المقدم من «ويتكوف»، والمعدّل جزئيًا من خلال اقتراحات الوسيط القطرى، التى تدرسها حاليًا حركة حماس بعناية.وأوضح أن تلك التطورات تأتى فى ظل تحولات ملموسة على الصعيدين الدولى والإقليمى، بالإضافة إلى تغيّرات داخل إسرائيل نفسها. وأشار إلى أن نتنياهو يواجه ضغوطًا متزايدة، أبرزها الغضب الشعبى العالمى نتيجة تصاعد حملات فك الحصار عن غزة، واعتقال ناشطين دوليين مؤخرًا، إلى جانب مواقف دول غربية بدأت تُظهر تحولًا واضحًا، كما حدث مع وزير خارجية بريطانيا، والعقوبات التى فرضها الاتحاد الأوروبى على وزراء إسرائيليين.وقال: «تزايد العمليات العسكرية لحركة حماس، والهجمات اليومية من الحوثيين فى اليمن، عززت من الضغط على إسرائيل، إضافة إلى الاحتجاجات المتزايدة من قبل عائلات المحتجزين الإسرائيليين فى غزة، والجدل الدائر داخل الكنيست، والدعوات المتكررة لحلّه وإجراء انتخابات مبكرة، وكلها عوامل دفعت نتنياهو إلى التعامل بجدية نسبية مع المقترحات الأمريكية، خاصة بعد الاتصال الهاتفى الذى أجراه مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب».وأضاف: «رغم تلك المؤشرات، فإن موقف حركة حماس لا يزال قيد الدراسة، حيث إن موافقتها ترتبط بتوفير ضمانات حقيقية لوقف دائم لإطلاق النار، ودخول المساعدات الإنسانية دون قيود، وانسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة».ونوه إلى أن التعديلات على المقترح الأخير ليست جوهرية، لكنها تشمل تقسيم الصفقة إلى ثلاث مراحل، تتضمن إطلاق سراح عشرة أسرى فى اليوم الأول، واثنين فى اليوم الأخير، وتسليم جثامين قتلى الجيش الإسرائيلى على مراحل.واختتم «عبدالمجيد» حديثه بالقول: «العامل الحاسم سيكون مدى جدية الولايات المتحدة فى الضغط الحقيقى على إسرائيل، لأن الدعم الأمريكى غير المشروط لإسرائيل هو العائق الرئيسى أمام التوصل لاتفاق»، معربًا عن أمله أن تقود المتغيرات الدولية الحالية إلى إنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل الأسرى.وفى الإطار نفسه، قال المحلل السياسى الفلسطينى، نزار نزال، إن التحديث القطرى الأخير لرؤية المفاوضات يعكس محاولة لإعادة الزخم للدورين المصرى والقطرى، كمشرفين فاعلين فى عملية الوساطة، بعد محاولات أمريكية وإسرائيلية تهميش دوريهما وجعلهما طرفين غير أساسيين- على حد قوله-.وأشار «نزال» إلى أن الوثيقة القطرية المعدلة لا تتضمن أى بند واضح يضمن وقفًا فوريًا للحرب أو انسحابًا إسرائيليًا من غزة، ما يجعل من المستحيل أن توافق المقاومة الفلسطينية عليها، كونها ترفض أى صيغة لا تشمل تعهدًا صريحًا بإنهاء العدوان.وأضاف: «الحديث عن مفاوضات تمتد لـ٦٠ يومًا بشأن وقف الحرب لا يُقنع المقاومة، ورئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو يرفض وقف القتال لأنه يعتبره تهديدًا سياسيًا مباشرًا، إذ قد يؤدى إلى انهيار الحكومة حتى حزبه «الليكود»، لذا فإن تلك الرؤية للاتفاق قد لا ترى النور، فى ظل غياب ضمانات جدية».