زيادة قروض القطاع الخاص في ظل انخفاض التضخم وازدياد النشاط الاقتصادي

كشف أحدث تقارير البنك المركزى عن تحول إيجابى فى معدل النمو الحقيقى لقروض القطاع الخاص بالعملة المحلية، حيث سجل توسعًا ملحوظًا فى الربع الثالث من ٢٠٢٤، متوقعًا وصوله إلى ١٠.١٪ فى المتوسط خلال الربع الأول من ٢٠٢٥، بعد تراجع حاد سابق بلغ متوسطه سالب ٨.٧٪ خلال الربع الأول من ٢٠٢٤.وأرجع «المركزى» هذا التحسن إلى عاملين رئيسيين: النشاط المتزايد للقطاع الخاص، والانخفاض الكبير فى معدل التضخم السنوى الذى سُجل فى فبراير ٢٠٢٥ نتيجة الأثر الإيجابى لفترة الأساس، مشيرًا إلى أن هذا التحسن يتوافق مع مؤشرات التعافى التى بدأ يظهرها القطاع الخاص مؤخرًا، والمتوقع تعزيزها خلال الفترة المقبلة. وبتحليل مسار تطور هذه المؤشرات، يتبين أن معدل النمو الحقيقى لقروض القطاع الخاص شهد تراجعًا مستمرًا منذ الربع الرابع من ٢٠٢٢، حيث بلغ أدنى مستوياته عند ١٣.٨٪ فى الربع الثالث من ٢٠٢٣، وفى المقابل، كان قد سجل ذروته عند ٢٥.١٪ خلال الربع الرابع من ٢٠٢٠، مدعومًا آنذاك بحزمة المبادرات التيسيرية التى أطلقها البنك المركزى لمواجهة تداعيات جائحة «كورونا».وفى السياق نفسه، قال الخبير المصرفى عزالدين حسنين: إن «الاقتصاد المصرى يشهد تحسنًا ملحوظًا فى ظل السياسات النقدية التيسيرية التى انعكست على زيادة الطلب على القروض من قبل المستثمرين». وأضاف: «ما زالت هناك فرص استثمارية غير مستغلة فى الاقتصاد المصرى، خاصة مع توجه البنك المركزى إلى تخفيض أسعار الفائدة بمقدار ٣.٢٥٪ خلال الفترة الماضية، مع توقعات بمزيد من التخفيضات خلال عام ٢٠٢٥».وأوضح أن استقرار سعر الصرف وزيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى أكثر من ٤٨ مليار دولار، بالإضافة إلى انخفاض معدلات التضخم لتقترب من المستويات المستهدفة، كلها عوامل أسهمت فى تعزيز الثقة فى الاقتصاد، مشيرًا إلى أن تحسن تحويلات المصريين العاملين بالخارج وزيادة الإيرادات السياحية، رغم التحديات الإقليمية والدولية، يعكس متانة الأوضاع الاقتصادية.ولفت الخبير المصرفى إلى أن تحسن تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر وغير المباشر شكل دعامة أساسية للنمو الاقتصادى، مؤكدًا أن هذه العوامل مجتمعة أسهمت فى تعافى الطلب على التمويل المصرفى من قبل القطاع الخاص، ما ينعكس إيجابًا على النمو الاقتصادى الشامل.بدوره، علق الخبير المصرفى، هانى أبوالفتوح، على تطورات سوق الائتمان المصرية قائلًا إن نمو القروض للقطاع الخاص إلى ١٠.١٪ فى الربع الأول ٢٠٢٥ يشكل مؤشرًا إيجابيًا يعكس تحسنًا فى بيئة الأعمال، مدعومًا بعوامل متعددة أبرزها تراجع التضخم المتوقع إلى ١٦٪ بنهاية ٢٠٢٤/٢٠٢٥ حسب تقديرات صندوق النقد الدولى، مما عزز ثقة المستثمرين.وأضاف «أبوالفتوح» أن هناك عدة محفزات أسهمت فى هذه النتيجة الإيجابية، منها استقرار سعر الصرف الذى أشارت إليه تقارير «فيتش»، والإصلاحات الهيكلية التى أشاد بها صندوق النقد، بالإضافة إلى الحوافز الحكومية مثل الرخصة الذهبية التى أعلنت عنها وزارة التعاون الدولى.لكن الخبير المصرفى نبه إلى بعض التحديات، قائلًا: «رغم هذه المؤشرات المشجعة، فإن جزءًا من هذه القروض قد يذهب لتمويل احتياجات تشغيلية عاجلة بدلًا من استثمارات إنتاجية طويلة الأجل، كما أن بعض الأفراد قد يلجأون للاقتراض لمواجهة أعباء المعيشة، ما يحد من الأثر التنموى لهذا النمو الائتمانى».وتابع أن «الصناعات التحويلية والسياحة كانتا من أكبر المستفيدين من هذا التوسع الائتمانى حسب بيانات وزارة السياحة، لكن هذا يبرز ضرورة تحقيق توازن أكبر فى توزيع التمويل ليشمل قطاعات أخرى مثل التجزئة».وفيما يتعلق بالمستقبل، توقع «أبوالفتوح» أن يستمر هذا التحسن مع تراجع التضخم المتوقع إلى ١٠.٥٪ بنهاية ٢٠٢٥/ ٢٠٢٦ حسب «فيتش»، محذرًا فى الوقت نفسه من أن ارتفاع عوائد أذون الخزانة إلى ٣١.٢٥٪ والإجراءات البيروقراطية قد يشكلان عائقًا أمام استدامة هذا النمو إذا لم تتم معالجتهما.