دلالات لقاء السيسي وستارمر

دلالات لقاء السيسي وستارمر

هناك أهمية بالغة بالمكالمة التى تلقاها الرئيس عبدالفتاح السيسى من كير ستارمر، رئيس وزراء بريطانيا، بشأن الحرب الإسرائيلية الغاشمة على غزة. إن هذا الاتصال الذى جرى مؤخرًا، يكتسب أهمية بالغة فى ظل التصعيد غير المسبوق للأحداث فى قطاع غزة وتداعياتها الإنسانية والسياسية على المنطقة والعالم. يأتى هذا الاتصال ليؤكد الدور المهم الذى تلعبه مصر كلاعب إقليمى رئيسى وفاعل فى الأزمات، وقدرتها على التأثير فى مسار الصراعات، خاصة تلك التى تمس الأمن القومى العربى بشكل مباشر. فمصر، بحدودها المشتركة مع غزة، وموقعها الجغرافى الاستراتيجى، وعلاقاتها التاريخية مع الشعب الفلسطينى، تجد نفسها فى صلب أى جهود دبلوماسية تهدف إلى احتواء الأزمة وتخفيف المعاناة عن سكان القطاع.ويعكس اهتمام ستارمر بالتواصل مع القيادة المصرية إدراكًا لأهمية القاهرة فى أى حراك دولى لحل الأزمة، سواء على صعيد وقف إطلاق النار، أو إدخال المساعدات الإنسانية، أو حتى فى صياغة رؤية مستقبلية للقطاع.إن الوضع الإنسانى الكارثى فى غزة الذى تفاقم بشكل كبير جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية، يستدعى تحركًا دوليًا عاجلًا. وفى هذا السياق يمكن لمصر وبريطانيا أن تلعبا دورًا حيويًا فى الضغط على الأطراف المعنية للالتزام بالقانون الدولى الإنسانى، وفتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الأساسية من غذاء ودواء ووقود إلى المدنيين المحاصرين.كما أن التنسيق بينهما يمكن أن يسهم فى بناء جبهة دولية أوسع تطالب بوقف دائم لإطلاق النار، وإيجاد حلول سياسية جذرية تضمن حقوق الشعب الفلسطينى، وتوقف دوامة العنف المتكررة.ولا تقتصر أهمية هذا التنسيق على الجانب الإنسانى فحسب، بل تمتد لتشمل الأبعاد السياسية والاستراتيجية للأزمة. فالتصعيد فى غزة يهدد بزعزعة الاستقرار فى المنطقة بأسرها، ويحمل فى طياته مخاطر توسع الصراع ليشمل أطرافًا أخرى، ما قد يؤدى إلى عواقب وخيمة على الأمن الإقليمى والعالمى. ومن هنا يبرز دور مصر كصمام أمان للمنطقة بفضل جهودها المتواصلة لتهدئة الأوضاع ومنع الانزلاق نحو صراع أوسع، وإن قدرة مصر على التواصل مع مختلف الأطراف الفاعلة فى النزاع، بما فى ذلك إسرائيل والفصائل الفلسطينية، تمنحها مكانة فريدة كطرف وسيط موثوق به. وأن أى تنسيق بين مصر وقوى دولية كبرى مثل بريطانيا يمكن أن يعزز من فرص التوصل إلى حلول مستدامة.ويمكن لبريطانيا كعضو دائم فى مجلس الأمن الدولى أن تدعم الجهود المصرية فى المحافل الدولية، وتدفع باتجاه إصدار قرارات مُلزمة تخدم القضية الفلسطينية وتضع حدًا للانتهاكات. كما أن تبادل المعلومات والتحليلات بين الجانبين حول الأوضاع على الأرض وفى الكواليس السياسية يمكن أن يثرى رؤيتهما المشتركة للحلول الممكنة، ويساعد فى صياغة مواقف موحدة تعكس تطلعات السلام والاستقرار.ويُعد اتصال السيسى وستارمر فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وبريطانيا، وفتح آفاق جديدة للتعاون فى مجالات متعددة تتجاوز الأزمة الراهنة. فالحوار المتواصل بين القيادتين يرسخ الثقة المتبادلة ويفهم وجهات النظر المختلفة، ما يمهد الطريق لشراكات استراتيجية أوسع فى مجالات الاقتصاد والتجارة والأمن ومكافحة الإرهاب.إن بناء هذا التعاون يعود بالنفع على كلا البلدين، ويعزز من قدرتهما على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المشتركة. وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإن التنسيق المصرى البريطانى يمكن أن يسهم فى إحياء عملية السلام المجمدة، وتقديم رؤى جديدة لحل الدولتين الذى لا يزال يمثل الإطار الأنسب لتحقيق سلام عادل وشامل.فالتصريحات المتكررة من الجانب البريطانى حول دعم حل الدولتين، إلى جانب الدور المصرى التاريخى فى دعم القضية الفلسطينية، يفتحان الباب أمام صياغة مبادرات مشتركة تضغط على المجتمع الدولى لتحمل مسئولياته تجاه إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. إن أهمية هذا الاتصال- وهذا التنسيق- تكمن فى القدرة على تحويل الإرادة السياسية إلى فعل ملموس على الأرض، بما يسهم فى تخفيف معاناة الشعب الفلسطينى، وتحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة لطالما عانت الصراعات والحروب.