البنادق الإسرائيلية تهدد الساحة الدبلوماسية العالمية!

في واقعة غير مسبوقة تكشف حجم الاستهتار الإسرائيلي بالقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية، أطلق الجيش الإسرائيلي نيرانًا كثيفة على وفد دبلوماسي رفيع المستوى خلال زيارة ميدانية إلى مخيم جنين في الضفة الغربية، ضمّ سفراء وقناصل من أكثر من 25 دولة، بينها مصر، الأردن، فرنسا، الاتحاد الأوروبي، الصين، وكندا.الحادثة، التي وقعت عند مشارف مخيم جنين، أعادت تسليط الضوء على خطورة الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديدًا في المخيم الذي يتعرض منذ أكثر من أربعة أشهر لاحتلال عسكري مباشر، أسفر عن تدمير واسع للبنية التحتية وتهجير مئات العائلات.وبحسب ما ورد، فقد أطلق جنود الاحتلال النار على الوفد دون سابق إنذار، ما تسبب في حالة من الذعر والفوضى، ودفع الدبلوماسيين إلى الانسحاب السريع حفاظًا على سلامتهم، بينما التقطت عدسات المصورين لحظات الفرار تحت التهديد.وفي محاولة لتبرير السلوك العدواني، زعمت القوات الإسرائيلية أن الوفد “انحرف عن المسار المقرر” ودخل “منطقة محظورة”، مشيرة إلى أن “الجنود لم يكونوا على علم بوجود البعثة”، وأن الطلقات كانت “تحذيرية في الهواء”. وهي رواية يمكن وصفها بأنها مثيرة للشفقة، إذ تكشف عن استخفاف صريح بالمجتمع الدولي؛ فـ رصاص الاحتلال لا يفرّق بين مقاوم ودبلوماسي، ولا يعترف بمواثيق أو حصانات.مصر أدانت الواقعة بأشد العبارات، مؤكدة رفضها القاطع لما وصفته بـ”الانتهاك السافر للأعراف الدبلوماسية”، وطالبت إسرائيل بتقديم توضيحات عاجلة.الأردن وصف الحادث بـ”الجريمة التي تتنافى مع القانون الدولي”، ودعا إلى موقف دولي حازم يضع حدًا للعدوان الإسرائيلي المتواصل.الاتحاد الأوروبي شدّد على أن تهديد حياة الدبلوماسيين “أمر غير مقبول”، وطالب بتحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين.فرنسا وإيطاليا استدعتا سفيري إسرائيل لديهما، وندّدتا بما جرى باعتباره “تهديدًا مباشرًا وغير مبرر”. أما إسبانيا، فقد دعت إلى تحرك جماعي مشترك، ووصفت ما حدث بـ”الانتهاك الخطير الذي يتطلب ردًا دبلوماسيًا جماعيًا”.ما حدث في جنين ليس “خطأ ميدانيًا” كما تحاول إسرائيل تصديره، بل هو رسالة سياسية صريحة مفادها أن الاحتلال لا يعترف بحدود القانون أو الأعراف. فاستهداف بعثة دبلوماسية دولية بهذا الشكل، في وضح النهار، وأمام عدسات الكاميرات، لا يمكن قراءته إلا في سياق التصعيد الإسرائيلي المنهجي، ورفض أي رقابة دولية على ما يجري من انتهاكات في الأراضي الفلسطينية.تعكس الحادثة أيضًا حجم التدهور في بيئة الأمن الدولي، حيث باتت البعثات الدبلوماسية – التي تمثل صلة وصل أساسية بين الشعوب والدول – عرضة للخطر في مناطق النزاع دون رادع حقيقي. وهو ما يهدد، ليس فقط سلامة الدبلوماسيين، بل هيبة القانون الدولي نفسه، ويُضعف الثقة في النظام العالمي الذي يُفترض أن يحميهم.هذا التصعيد الخطير يفرض على الدول المتضررة، والمجتمع الدولي بأسره، تجاوز بيانات التنديد نحو إجراءات ملموسة تضع حدًا للاستهتار الإسرائيلي. فاستمرار مثل هذه الممارسات دون محاسبة، يعزز الشعور بأن إسرائيل تتصرف فوق القانون، بل وترسل برسالة مفادها: “لا مكان للرقابة الدولية هنا، ومن يجرؤ على الاقتراب، فالرصاص في انتظاره.”ما حدث في جنين ليس مجرد واقعة عابرة، بل تجاوز صارخ لجميع الخطوط الحمراء، يفتح الباب واسعًا أمام ضرورة إعادة تقييم العلاقة الدولية مع إسرائيل، في ضوء سلوكها المتصاعد، والذي بات يشكّل تهديدًا مباشرًا للنظام الدبلوماسي العالمي بأكمله.