نستعرض استراتيجية الحكومة والقطاع الصناعي لدعم المستثمرين في المناطق.

نستعرض استراتيجية الحكومة والقطاع الصناعي لدعم المستثمرين في المناطق.

في ظل توجه الدولة نحو تعميق التصنيع المحلي وجذب الاستثمارات للمحافظات، وضعت وزارة التجارة والصناعة خطة شاملة تستهدف إزالة المعوقات أمام المستثمرين، وتوفير بيئة مواتية للنمو الصناعي، خاصة في المحافظات الحدودية والصعيد.

تسهيلات جديدة وإجراءات مُبسطة للمستثمرين

بدأت الوزارة خطوات تنفيذية فعلية لتسهيل الإجراءات، وعلى رأسها تفعيل منظومة الشباك الواحد لإصدار التراخيص الصناعية في فترة لا تتجاوز 20 يومًا، بدلًا من الإجراءات البيروقراطية المعقدة التي كانت تمتد لأشهر.كما تم تعزيز دور الهيئة العامة للتنمية الصناعية لتصبح جهة مركزية تقدم خدمات مباشرة للمستثمرين، بما يشمل تلقي الطلبات، تسليم التراخيص، والتعامل الفوري مع التحديات على أرض الواقع.

مجمعات صناعية جاهزة في مختلف المحافظات

في إطار تيسير دخول المستثمرين الجدد إلى السوق، طرحت الوزارة عددًا من المجمعات الصناعية الجاهزة، بمساحات متنوعة تبدأ من 48 مترًا، ومزودة بكافة المرافق. تشمل المجمعات وحدات مخصصة للشباب ورواد الأعمال، مع تسهيلات كبيرة في أنظمة التمليك والإيجار. ومن أبرز النماذج مجمع مرغم بالإسكندرية، وبياض العرب ببني سويف، والمنطقة الصناعية بأسوان.

دعم متكامل للأراضي الصناعية وخطط موجهة للصعيد

شملت خطة الدعم الحكومي إتاحة الأراضي الصناعية بنظام حق الانتفاع، مع تقسيط السداد بفائدة منخفضة، وتشكيل لجنة عليا لمراجعة الأسعار وربطها بالتكلفة الفعلية. كما تم تخصيص مساحات جديدة للصناعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة في محافظات الصعيد والمناطق النائية.وفي هذا الإطار، أكد النائب خالد أبو الوفا، رئيس غرفة سوهاج التجارية وعضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية، أن ما تشهده مصر حاليًا يمثل “تغييرًا حقيقيًا في فلسفة الدولة تجاه الاستثمار الصناعي”، مشيرًا إلى أن الصعيد بدأ يلمس خطوات فعلية نحو التنمية الصناعية.قال في تصريحات خاصة لـ”الدستور”، إنه لأول مرة نشهد هذا التركيز الحكومي الواضح على تهيئة البنية التحتية للصناعة في المحافظات.وتابع، هناك تجاوب فعّال من الجهات المعنية، ووزارة الصناعة تبذل جهودًا ملموسة في حل مشكلات المستثمرين وتيسير دخولهم للسوق، خصوصًا في المناطق التي عانت من التهميش لعقود.

حوافز ضريبية وجمركية لتعميق التصنيع المحلي

طبّقت الوزارة مؤخرًا الحوافز المنصوص عليها في قانون الاستثمار، والتي تشمل خصومات ضريبية تصل إلى 50% من التكلفة الاستثمارية للمشروعات الصناعية الجديدة في المناطق ذات الأولوية مثل الصعيد وسيناء، إضافة إلى إعفاءات جمركية على الآلات وخطوط الإنتاج. وتُمنح الأفضلية للمشروعات التي تحقق نسب تصنيع محلي مرتفعة.وأشاد خالد أبو الوفا بتلك الحوافز، لكنه شدد على أهمية ضمان التطبيق العملي لها، قائلًا:
“لدينا مستثمرون جاهزون لبدء مشروعاتهم، لكنهم بحاجة إلى تأكيدات بأن الحوافز ستُطبق على أرض الواقع، وأنها لن تظل حبرًا على ورق. التركيز على دعم الصناعات التصديرية مهم للغاية، لأنها قادرة على تحريك عجلة الاقتصاد وتوفير العملة الأجنبية”.

آلية فعالة للتعامل مع المستثمرين والشكاوى

 من جانبه أكد هشام العيسوي رئيس المجلس التصديري للحرف اليدوية، أن قطاع الحرف يمثل فرصة حقيقية للنمو الاقتصادي غير التقليدي ويحتاج إلى دعم أكثر شمولًا من الحكومة خاصة في ما يتعلق بإجراءات التراخيص والتصدير.وقال العيسوي، إن “قطاع الحرف اليدوية يضم آلاف الورش والصناع المهرة في المحافظات لكنه يفتقر إلى الدعم اللوجستي والتسويقي اللازم، سواء داخل السوق المحلي أو في التصدير، نحتاج إلى بنية تنظيمية مرنة تتناسب مع طبيعة هذا القطاع الذي لا يعتمد على المصانع الكبرى بل على الحرفي الصغير”.وشدد العيسوي على ضرورة دمج صغار المنتجين في المنظومة الرسمية، مضيفًا: “ندعو إلى إنشاء مجمعات صغيرة مخصصة للحرف اليدوية وتوفير وحدات إنتاجية بأسعار رمزية مع دعم عمليات التدريب والتطوير وتسهيل مشاركة الحرفيين في المعارض الدولية”. قال كمال الدسوقي، نائب رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، إن خطة الدولة الحالية لدعم المستثمرين تمثل نقلة نوعية حقيقية في التعامل مع ملف التنمية الصناعية، خاصة بعد سنوات من التحديات المتعلقة بغياب الأراضي المرفقة وارتفاع تكلفة التراخيص والمرافق.وأضاف الدسوقي، في تصريحات خاصة لـ”الدستور”، أن وزارة الصناعة بدأت أخيرًا في تفعيل سياسة الباب المفتوح، وأصبح هناك تنسيق حقيقي بين أجهزة الدولة وممثلي القطاع الصناعي. هذا يعزز ثقة المستثمر المحلي قبل الأجنبي ويخلق مناخًا من الاستقرار والتفاعل الإيجابي مع القطاع الخاص.وأشار إلى أن قطاع مواد البناء تحديدًا بحاجة إلى دعم مستدام لأنه يُعد من القطاعات المحركة لعشرات الصناعات المرتبطة، موضحًا أن الدولة إذا قدمت تسهيلات حقيقية في أسعار الطاقة، وتيسيرات جمركية وضريبية واضحة، فإن ذلك سينعكس بشكل مباشر على تنافسية المنتج المصري في الأسواق الخارجية.وتابع “نحن بحاجة إلى سرعة في تفعيل الحوافز على أرض الواقع، وربطها بآليات شفافة وواضحة لكل من يرغب في الاستثمار بالصناعة. كما نطالب بخريطة استثمارية دقيقة توضح الفرص المتاحة في كل محافظة، حتى تكون هناك رؤية موحدة بين الحكومة والقطاع الخاص”. يأتي هذا التوجه في إطار رؤية الدولة لتحقيق اقتصاد إنتاجي مستدام يقوم على تعميق الصناعة المحلية وتعزيز الصادرات، وتؤكد التصريحات الحكومية أن هناك التزامًا كاملًا بدعم المستثمرين في جميع القطاعات بما فيها الحرف اليدوية والصناعات الصغيرة في إطار استراتيجية متكاملة تُنفذ بالشراكة مع القطاع الخاص والغرف التصديرية.