مواجهة الاحتلال وإعادة إعمار غزة: توقعات محللين حول البيان الختامي لقمة بغداد مع “الدستور”

مواجهة الاحتلال وإعادة إعمار غزة: توقعات محللين حول البيان الختامي لقمة بغداد مع “الدستور”

انطلقت صباح اليوم السبت في العاصمة العراقية بغداد، أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين بمشاركة عدد من القادة العرب، وسط توقعات بأن تكون واحدة من أكثر القمم حساسية وتأثيرًا في السنوات الأخيرة.وتتوزع أولويات القمة بين ملفات محورية، على رأسها وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتثبيت الموقف العربي الداعم لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، بالإضافة إلى دعم استقرار الدول التي تعاني من أزمات سياسية واقتصادية مزمنة، وعلى رأسها لبنان والسودان واليمن، فضلًا عن مناقشة آليات تعزيز العمل العربي المشترك ومواجهة التحديات الإقليمية والتدخلات الخارجية.ويحضر القمة عدد من القادة العرب، على رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى جانب مشاركة واسعة من وزراء الخارجية وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية، وسط مساعٍ لإعادة تفعيل الدور العربي في حل أزمات المنطقة، وتأكيد مركزية القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى.وفي هذا السياق، عبّر عدد من الخبراء والمحللين العرب لـ«الدستور» عن تطلعات شعوبهم من القمة، حيث شددوا على أهمية أن تخرج بمواقف واضحة ومُلزمة في ملفات السيادة، والتنمية، والدعم الإنساني والسياسي، كلٌ بحسب قضيته الوطنية.

محمد الرز: اللبنانيون ينتظرون من القمة العربية دعمًا سياديًا وتنمويًا 

في هذا السياق، أكد الكاتب والمفكر اللبناني محمد الرز، أن اللبنانيين يترقبوا من القادة العرب المشاركين في القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة في بغداد، دعمًا جادًا وفاعلًا لتحقيق ثلاث أولويات وطنية لا يمكن للمسار اللبناني أن يستقيم من دونها.وأوضح الرز في تصريحات لـ”الدستور”، أن الأولوية الأولى تتمثل في الضغط العربي على عواصم القرار الدولي، وتحديدًا الولايات المتحدة، لإجبار إسرائيل على الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، سواء من النقاط الخمس الحدودية أو وقف الخروقات الجوية المتكررة، محذرًا من أن استمرار هذه الانتهاكات قد يفتح الباب لإعادة النظر في اتفاق وقف إطلاق النار في الوقت الذي يقرره لبنان.وأضاف أن النقطة الثانية تتعلق بضرورة تقديم الدعم العربي لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي، مع رفض ربط هذا الاستحقاق الإنساني بأي شروط سياسية، وعلى رأسها مسألة سحب سلاح حزب الله، مشيرًا إلى أن معالجة هذا الملف المعقد تتطلب حوارًا داخليًا وتوافقًا وطنيًا، لا حلولًا مفروضة تؤدي إلى انقسام أو صدام داخلي.وأشار الرز إلى أن خيار الحوار والتفاهم، الذي تتبناه رئاسة الجمهورية والحكومة اللبنانية، هو السبيل الأنسب لسحب السلاح غير الشرعي وتعزيز الشرعية الداخلية، داعيًا الدول المانحة إلى احترام هذا التوجه وعدم فرض أجندات خارجية تتعارض مع الواقع اللبناني.أما النقطة الثالثة، فشدد الرز على أن القادة العرب مطالبون بـدعم الجيش اللبناني ليكون الضامن الوحيد لسيادة الدولة وبسط سلطتها على كامل أراضيها، وذلك من خلال تسليحه بعتاد نوعي بري وجوي وبحري، لافتًا إلى أن وحدة السلاح تحت مظلة الدولة لا يمكن تحقيقها بوجود جيش ضعيف الإمكانيات.وختم الرز بالقول إن ما عاناه لبنان من أزمات وخلل في مؤسساته انعكس سلبًا على محيطه العربي، وبالتالي فإن استعادة الدولة اللبنانية لعافيتها ومكانتها، بناءً على اتفاق الطائف والدستور اللبناني، سيكون مكسبًا لكل الدول العربية، لا سيما إذا ما تم عبر إزالة الاحتلال الإسرائيلي، وفتح أبواب الإعمار، وتعزيز قدرات الجيش كضمانة حقيقية لاستقرار لبنان ودوره الفاعل داخل المنظومة العربية.

منصور بو كريم: ننتظر من القمة العربية موقفًا واضحًا تجاه حرب الإبادة في غزة

من جانبه، قال المحلل السياسي الفلسطيني منصور بو كريم، إن القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة في بغداد تأتي في لحظة حرجة تمر بها القضية الفلسطينية، ومن المنتظر أن تقدم القمة دعمًا سياسيًا وماليًا حقيقيًا للشعب الفلسطيني، في ظل ما وصفه بـ”المرحلة الأخطر” التي تواجهها القضية منذ عقود.وأشار إلى أن القمة مطالبة باتخاذ موقف عربي واضح وصريح من حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة منذ أكثر من 19 شهرًا، مؤكدًا أهمية التمسك بالموقف العربي الثابت بضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتباره أساسًا لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

القمة العربية تتزامن مع ذكرى النكبة

وأضاف بو كريم أن القمة تنعقد بعد أيام قليلة من ذكرى النكبة، وهى المناسبة الأليمة التي تذكر بطرد الشعب الفلسطيني من أرضه، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن القمة تتزامن مع جولة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في المنطقة، والتي شملت الرياض والدوحة وأبوظبي، دون أن يتطرق خلالها إلى حقوق الشعب الفلسطيني أو الدعوة لقيام دولته المستقلة.وأكد أن الشعب الفلسطيني يأمل بأن تعكس القمة موقفًا عربيًا قويًا وواضحًا، يشدد على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووقف العدوان المتواصل على غزة، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة للمدنيين، داعيًا إلى أن تكون هذه المواقف حاضرة بقوة في جدول أعمال القمة وعلى طاولة جامعة الدول العربية.

مصلح سعدون: غزة ولبنان على رأس الأولويات

من جهته، قال المحلل السياسي العراقي مصلح سعدون، إن انعقاد القمة العربية الرابعة والثلاثين في بغداد، تحت شعار “حوار، تضامن، تنمية”، يحمل دلالات استراتيجية تؤكد عودة العراق إلى عمقه العربي، واستعادته لعافيته السياسية والأمنية والاقتصادية، رغم ما يحمله هذا التعافي من قلق لدى بعض الأطراف التي تخشى نهوض العراق ودوره الإقليمي.وأشار سعدون، في تصريحات لـ”الدستور”، إلى أن توقيت القمة يأتي في ظل أوضاع إنسانية كارثية يشهدها قطاع غزة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لإبادة جماعية على يد الاحتلال الإسرائيلي، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن هناك مسؤولية داخلية يتحملها بعض الفاعلين، في إشارة إلى حركة حماس، التي قال إنها ساهمت في استمرار معاناة الشعب الفلسطيني لتحقيق مكاسب ضيقة لقياداتها، على حساب الدم الفلسطيني.وأكد أن القمة من المنتظر أن تتخذ قرارات حاسمة تُنهي هذا النزاع، وتؤسس لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، خاصة بعد فترة من الغياب العربي، باستثناء الجهود التي قادتها مصر وقطر في الملف الفلسطيني.كما نوه سعدون إلى أهمية عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية بعد غياب استمر لأكثر من عشر سنوات، عقب التغيير السياسي الذي شهدته البلاد في ديسمبر الماضي، معتبرًا أن هذا التطور يفتح الباب لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك في ملفات كانت مجمدة لسنوات.وفيما يتعلق بلبنان، أشار إلى أن القمة ستتطرق إلى الوضع المتأزم هناك، سواء من حيث الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، أو الحاجة إلى دعم الدولة اللبنانية في بسط سلطتها وسيادتها على كامل أراضيها.وختم سعدون تصريحاته لـ الدستور بأن القمة ستناقش أيضًا قضايا اقتصادية مهمة تتعلق بالتكامل والتعاون العربي، وأن العراق بما يمتلكه من موقع جغرافي وإمكانات، سيكون محورًا رئيسيًا في هذا الجانب، معربًا عن تفاؤله بنجاح القمة وبأن تنطلق منها حلول عربية حقيقية تعالج أزمات المنطقة في هذا الظرف الحرج.