هل أنا مؤمن أم كافر؟

هل أنا مؤمن أم كافر؟

أطرح هذا السؤال على نفسي وعلى أخوتي المسلمين في الوطن بعد أن وافق مجلس النواب على مشروع قانون تنظيم الفتوى. هذا ما دعاني لطرح ما لم يكنليخطر لي على بال. فأنا أقول إني مؤمن بديني وكل مسلم مؤمن بدينه، لكنى سمعت شيوخا أفاضل يقولون: معنى كافر هو من خالف عقيدتي فالمسيحي كافر بديني وأنا كافر بدينه. هاتان نظرتان أجدهما عادلتين وإلى حد ما صحيحتين مع أنهما متضادتان فيما تؤكدان.خطر المادة الثانية من هذا المشروع أن الفتوى موضوعها ليست فتوى أو رأيا فقهيا بل هي الفتوى الشرعية أي هي الحكم الشرعي أو بتعبير أوضح هي حكم الدين في أمر ما.وقد قصرت المادة الثالثة من مشروع القانون صلاحية اصدار الفتوى العامة على هيئات ثلاث: “هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو دار الإفتاء المصرية”. كما حصرت صلاحية اصدار الفتوى الخاصة على: “هيئة كبار العلماء، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، أو دار الإفتاء المصرية، أو اللجان المشتركة التي يتم إنشائها أو أئمة الأوقاف الذين ينطبق عليهم الشروط والمنشأة بموجب أحكام المادة (4) من هذا القانون”.وتذكر المادة الخامسة أنه في حال تعارض الفتاوى الشرعية يرجح رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.هنا يكمن التضارب في المعنى. فتعارض الفتاوى الذي تفترض وجوده هذه المادة، يؤكد أنه من الممكن أن تتعدد الآراء في الموضوع ذاته، لذلك فإن ما يصدر عن الجهات السابق ذكرها لا يمكن أن يعد إلا رأيا، يؤخذ منه ويرد، ويجوز فيه الاختلاف والتعارض بل القول بعكسه تماما، ولا يمكن بحال من الأحوال اعتباره حكما شرعيا. فالفتوى التي تحمل في طياتها هذه الصفات لا يمكن أن تمثل رأي الدين ولا يمكن أن تعد فتوى شرعية، ويجب أن توضع في حجمها أي أنها فتوى لا تخالف الشرع وتحتمل أن يكون هناك معها فتاوى أخرى، وان اختلفت معها في الحكم،انما تقاسمها الصفةنفسها أي أنها فتاوى لا تخالف الشرع.ثم كيف يمكن أن تحصر جهات اصدار الفتوى، بل ويعاقب من يتصدى للفتوى أو للنصيحة الأخوية، فحق الفتوى، حتى العام منها، متاح لمن كان أهلا لها، والفتوى الخاصة متاحة لكل فرد فهي حق له، بل له أن يؤمن وله أن يكفر.وأنا اليوم أطرح هذا السؤال الذي ذكرته في عنوان كلمتي على من سيكون بيده اصدار الفتوى المزعوم أنها “فتوى شرعية”، أي من بيده أن يحدد حكم الدين. ماذا يقول في حكم من لا ينطق بالشهادتين؟  أمؤمن أنا أم كافر؟ وما الحكم على في الحالتين؟ لا في النطق من عدمه، انما في الحكم على كمؤمن أو كافر، وهل ستجتمع آراء الهيئات المختصة بالفتوي الشرعية على الجواب على هذهالأسئلة أم ستختلف الآراء. وهل سيكون مصير حياتي عندئذ بين يدي “هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف” لتحدد الرأي الواجب اتباعه؟أناشدكم بحق الأخوة في الوطن الا تثيروا الفتنة بحجة تنظيم الفتوي. فيكفي لتنظيم الفتوى أن توضع الضوابط لإصدارها بما يكفل مطابقتها للشرع لكيلا تخرج عنه. أما هذا القانون فهو قانون يسبغ على الرأي الفقهي أو الفتوى صفة الشرعية ويخرجه من كونه رأيا ليجعله حكما نافذا على رقاب كافة المواطنين المصريين مسلمين ومسيحيين ويعليه فوق القانون والدستور. لم أجد في المشروع ما يشير الى عدم جواز الفتوى،أو بمعاقبة من يفتي بمخالفة ما جاء في القانون الوضعي المصري. وأنا على يقين أنه لا يوجد بند في قوانيننا المتعددة يخالف الشرع، انما انتخب المشرع رأيا بين آراء عدة، استند كل منها إلى ادلة شرعية. أكنا الى يومنا هذا في غي، لن يصلح منه الا صدور هذا القانون الذي إذا أقر بنصه هذا يصبح سابقا على أي قانون وضعي صدر أو قيد الصدور؟ بل تجب مراجعة كل القوانين الوضعية كل مرة صدرت فتوى شرعية للتأكد من عدم مخالفة القوانين لهذا الرأي الذي تعتمده الهيئة المختصة كفتوى شرعية.أضم صوتي لصوت كل مصري وطني لأناشد فخامة رئيس الجمهورية أن يعيد مشروع قانون تنظيم الفتوى الشرعية للحوار المجتمعي، ولمزيد من الدراسة، لكي يلتزم بتنظيم اصدار الفتوى لا أن يتعدى تنظيمها لإعلاء شأنها على القوانين، وتفاديا للإخلال بالوحدة الوطنية ولتأكيد ما جاء في الدستور من مدنية الدولة. الأنبا أنطونيوس عزيزمطران الجيزة الشرفي للأقباط الكاثوليكأستاذ الشريعة الإسلامية –كلية القانون المعهد الشرقيجامعة الجريجوريانا الحبرية – روما