تطور جديد: عودة آلاف السودانيين من مصر تؤدي إلى انخفاض إيجارات الشقق بنسبة 50%

تطور جديد: عودة آلاف السودانيين من مصر تؤدي إلى انخفاض إيجارات الشقق بنسبة 50%

بدأت موجة من التراجع في أسعار الإيجارات بعد عودة أكثر من 122 ألف سوداني من مصر إلى بلادهم منذ بداية عام 2025، نتيجة لتحسن الأوضاع الأمنية في العاصمة السودانية الخرطوم، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، ما أثر بشكل ملحوظ على سوق العقارات في عدد من المدن المصرية، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة.

من أزمة لجوء وتكدس إلى إخلاء مفاجئ

لم تكن إنجي ناصر، الطالبة الجامعية، تتوقع أن تُجبر على مغادرة شقتها الصغيرة في شارع فيصل بهذه السرعة. كانت تقيم مع اثنتين من صديقاتها مقابل 3500 جنيه شهريًا، لكن مع تزايد الطلب على الشقق من قبل الوافدين السودانيين، عرضت المالكة العقار على مستأجر جديد مقابل 10 آلاف جنيه شهريًا. تقول إنجي: “قالت لنا المالكة إن العرض الجديد لا يمكن رفضه”، مما اضطر الفتيات إلى البحث عن سكن بديل في مناطق أخرى أقل طلبًا مثل مصر القديمة.

تدفق سكاني غير مسبوق

منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، نزح نحو 1.2 مليون سوداني إلى مصر، وفقًا للأمم المتحدة، ما رفع عدد السودانيين في البلاد إلى أكثر من 4 ملايين. هذا التدفق الكبير رفع الطلب على الوحدات السكنية، وأدى إلى ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار الإيجارات، خصوصًا في مناطق مثل فيصل، الهرم، عين شمس، وحدائق الأهرام.بحسب علاء الشيخ، رئيس مجلس إدارة شركة “أسيت تاب” للتسويق العقاري، فإن ملاك الوحدات السكنية استغلوا هذا الطلب المرتفع لرفع الأسعار بنسبة تصل إلى 100% في بعض الحالات، خاصة للشقق المفروشة.

تراجع تدريجي مع موجة العودة

لكن مع بدء عودة عشرات الآلاف من السودانيين، بدأت السوق تشهد تغيرًا معاكسًا. وأوضح خالد القيسي، سمسار عقارات سوداني يعمل في منطقتي فيصل والهرم، أن أسعار الإيجارات التي كانت قد بلغت 7 إلى 9 آلاف جنيه للشقق غير المفروشة، وأكثر من 60 ألفًا للمفروشة، بدأت بالتراجع منذ بداية 2025، لتتراوح الآن بين 2000 و3000 جنيه لغير المفروشة، وأقل من 50 ألفًا للمفروشة.في السياق نفسه، أشار عمر سعيد، سمسار عقارات في ذات المناطق، إلى أن الأسعار التي كانت تصل إلى 15 ألف جنيه شهريًا تراجعت حاليًا إلى ما بين 5 و7 آلاف جنيه، مؤكدًا أن بعض المحال التجارية أُغلقت أيضًا بعد مغادرة أصحابها من السودانيين الذين كانوا يديرون مشاريع صغيرة.

استقرار في المناطق الراقية

بالمقابل، لم تشهد المناطق الراقية مثل الدقي والمهندسين تأثيرًا كبيرًا. وأوضح محمد الأسواني، سمسار عقارات، أن الإيجارات في هذه المناطق تبدأ من 10 آلاف جنيه وتصل إلى 95 ألفًا للشقق المفروشة الكبيرة، مشيرًا إلى أن السودانيين لم يكونوا بكثافة في تلك المناطق نظرًا لارتفاع الأسعار بها، وأن الملاك يستهدفون عملاء أجانب بأسعار مرتفعة.

عرض كبير غير مستغل

من جانب آخر، كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن وجود نحو 12.5 مليون وحدة سكنية مغلقة في مصر، تمثل قرابة 29% من إجمالي الوحدات. وتتوزع هذه العقارات بين وحدات غير مكتملة أو مغلقة لأسباب مثل السفر أو امتلاك المالك لعقارات بديلة، ما يسلط الضوء على فجوة كبيرة بين العرض والطلب.

توقعات بمزيد من التراجع

أيمن سامي، مدير مكتب “جيه إل إل – JLL” في مصر، توقع أن تستمر أسعار الإيجارات في التراجع خلال الربع الأول من 2025، مقارنة بالربع الأخير من 2024، الذي شهد ارتفاعًا بلغ نحو 108%. وأرجع هذا الانخفاض إلى مغادرة أعداد من المقيمين الأجانب، إلى جانب استمرار التضخم وتراجع القوة الشرائية للمواطنين، ما دفع الملاك إلى تقديم تسهيلات لتفادي شغور الوحدات.