أروع رسالة: حكاية أول تجربة حب في حياة فاتن حمامة

أروع رسالة: حكاية أول تجربة حب في حياة فاتن حمامة

تحدثت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة عن أول قصة حب في حياتها، وذلك ضمن حوار أجرته معها مجلة الكواكب.تقول فاتن حمامة:” أحببت الحب قبل أن أعرف معناه، وعشت في اللفظ قبل أن يبعث الشعور في قلبي، وناقشت في الحب، وغصت في مشاكله حتى حملت لقب استاذة في الحب، ثم التقيت بالمحب على محطة الأوتوبيس، التقيت به؛ فدعاني والح فى النداء، ولكنني أصممت أذني وإن لم أستطع منع قلبي عن الخفقان.

سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة

وتضيف سيدة الشاشة العربية:” كنت في ذلك الوقت طالبة بمدرسة الأميرة قوقية الثانوية بالجيزة، وكنت أغادر المدرسة مثل كل يوم فأسير مع زميلاتي حتى محطة الاوتوبيس فنفترق عندها، حيث ابقى أنا لانتظر الاوتوبيس العائد الى المنيرة، ولاحظت في أحد الأيام أن ضابطا شابا كان يتعقبنا منذ اللحظة التي نغادر فيها باب المدرسة حتى اللحظة التي تصل فيها الأوتوبيس، ولم أعر الفتى اهتماما، ولم أقم للأمر وزنا، فقد رأيت فيه أحد هواة معاكسة فتيات المدارس، ثم حسبته خطيب احدى الصديقات من أعضاء الشلة، ولم يخطر ببالي مطلقا انه انما كان يقتفى اثرى، وقد اتضحت لي حقيقة الأمر حين سار خلفي خطوة بخطوة حتى بلغت محطة الأوتوبيس، ولما وقفت عند المحطة وقف الى جواري دون أن يتكلم، وجاء الاوتوبيس فركبت، وصعد هو، وجلس بجانبي وهو ما زال على صمته، وغادرت الاوتوبيس فغادره، وافترقنا دون أن يتكلم.وتكمل:” وفى اليوم التالي وجدته بباب المدرسة، وسرت وسار ورائي حتى محطة الأوتوبيس، وعند المحطة رأيته بتردد طويلا، ثم تغلب على تردده وتقدم الى يحييني ويسالني في صوت خفيض يخنقه الخجل:” حضرتك الأنسة فاتن؟”، وكان سؤاله ولهجته في الكلام يدلان على انه يريد التأكد من شيء أكثر مما يكشفان من محاولته للمعاكسة، ولذا اضطررت الى الرد عليه بأدب فقلت له:” ابوه”، وتلت هذه “الأيوه” خطوة إيجابية أخرى قام بها، فقد قدم الى نفسه باسمه وتلاه بالوظيفة والعنوان، ثم سألني عن إخوتي الشبان كل باسمه، وزعم لى أنه صديق لهم، وأنهم كثيرا ما زاروه في منزله، وهو يريد أن يرد لهم الزيارة، ولم أعلق على كلامه بشيء وانما اكتفيت بالصمت وبابتسامة مفتعلة، واخرج هو رسالة مطلوبة من جيبه قدمها الى وقال لى وهو يتصرف: هذه رسالة الى شقيقك أرجو أن تسلميها إليه، ثم اختفى.

الحب الأول في حياة فاتن حمامة

وتكمل فاتن حمامة:” وأمسكت بالرسالة أحاول أن أعرف أى شقيق اسلمه إياها، وما أن قرات الكلمات الاولى منها حتى وجدت نفسي أمام مفاجأة كبرى، كانت الرسالة تحمل اسمى وليس اسم شقيقي، وقد سبق الاسم كلمات ثلاث هي: الى معبودة قلبي وبأنامل ترتجف، وفى فضول غريب، فضضت الرسالة، وما أن قرأت الكلمات الاولى منها حتى وجدت نفسي أمام رسالة غرام، رسالة تكاد تلتهب من حرارة كلماتها، كان أسلوبها جميلا، وكانت عبارتها رغم الهيام الذى تنطق به منتقاة مهذبة، وقرأتها مرة واثنتين وثلاثا، وفى كل مرة كان الاوتوبيس يقف بالمحطة ثم يغادرها فانتظر الذي يليه، وأيا كان حكمي على الرسالة يومئذ أو الآن، فان الذي أعلمه جيدا أنها خاطبت في الغرور قبل أن تخاطب في العاطفة، إن كل فتاة يهمها أن يقدر جمالها، ويهمها أن تشعر أنها جميلة في عيون الآخرين قبل أن يهمها الآخرون أنفسهم، وهذا ما فعلته الرسالة العاطفية الأولى التي لامستها بداى على محطة الأوتوبيس، وأسرعت الى البيت، وكان أول ما فعلته هو أن أتخلص من الرسالة، فقد كان إعجابي بأسلوبها ممزوجا بالخوف منها، فهي شيء لا يمكن أن برضي عنه أهلي وأنا طيلة حياتي لم افعل ما يغضبهم، ودخلت حجرة والدتي، وفى هدوء تام وضعت الرسالة بين يديها بعد أن أوجزت لها قصة تسلمي لها.

الحب في حياة فاتن حمامة

تواصل:” ومزقت أمي الرسالة، ورحت أرقب قصاصاتها الصغيرة وهي تتسلل عبر النافذة الى الطريق واحسست لحظتها انني اشيع شيئا عزيزا وكريها في آن واحد، وعلى حافة السرير العريض جلست والدتي تلقنني درسها الأول، وكان الدرس محاضرة تبين لي كذب الشراك التي يقصد بها الشبان قلوب الفتيات الغريرات، واستمعت مليا الى ما قالته أمي، ووعيت منه دروسا مازلت أستفيد منها حتى اليوم.وتستطرد:” وفى اليوم التالي كان كاتب الرسالة يقف على محطة الأوتوبيس، كان يقف في انتظار أن يرى نتيجة ما فعله بالأمس وتقدمت الى المحطة وواقفت الى جواره وقد علا وجهى التجهم، ولم يجرؤ على محادثتي كما لم التفت اليه، والتقيت به فى اليوم الثالث أيضا، وكان همه الأكبر أن يشعرني أنه انما ينتظر مجيء الاوتوبيس فعلا، وأن لقاءنا مجرد صدفة، ولكن هذه الصدفة المديرة تكررت في اليوم التالي، والايام التي تلته، وعاش على أمل أن أرضى عنه أو ابتسم في وجهه، عاشها لحظات قاسية على محطة الأوتوبيس ولكن نصائح أمي كانت بمثابة حاجز عال حال بيني وبينه.وتختتم:” وذات يوم ذهبت الى المحطة فلم أجده استولى عليه اليأس فانصرف الى حال سبيله وبدات افتقده فيما بيني وبين نفسى، لم يكن وجوده يعني شيئا بالنسبة لي، ولكن غيابه ضايقني، ضايقني كثيرا، ورحت أفكر فيه بعد ذلك، ولكن حقيقة لست أدرى ماذا كان شعوري نحوه، هل أحببته، هل شعرت نحوه بعاطفة الحب السامية، الواقع انني – انا استاذة الحب – قد عجزت عن مواجهة أول تجربة تعرضت لها، وخرجت منها بنتيجة لا أعرفها خسارة أو ربحا، كان قلبي يخفق له ما في ذلك شك، ولكن كل خفقة من خفقانه كانت تختلط بالخوف الذي بعثته أمي في نفسي، وهكذا خنق الخوف حبى الأول، وكأنه قدم مارد وطئت شجيرة ضئيلة فحالت بينها وبين النمو، بينها وبين الري من ماء قد يكون آسنا.