مؤرخ: “النجوم الزاهرة” يُعدّ من أبرز المراجع التاريخية الضخمة

قال المؤرخ الدكتور أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ الإسلامى وخبير المخطوطات، خلال مناقشة كتاب “النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة”، بالمجلس الأعلى للثقافة، إن الكتاب يُمثل موسوعة تاريخية ضخمة ألّفها المؤرخ المملوكى جمال الدين يوسف بن تغرى بردى، فى القرن التاسع الهجرى.
أيمن فؤاد: “النجوم الزاهرة” أهم مصادر التأريخ لمصر الإسلامية
وأضاف: “يُعد الكتاب من أهم مصادر التأريخ لمصر الإسلامية منذ الفتح العربى حتى أواخر العصر المملوكى؛ حيث يعرض الكتاب سِيَر الحكام والولاة والسلاطين، ويجمع بين السرد الزمنى للأحداث والتحليل الشخصي، ليقدّم رؤية شاملة عن الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية فى مصر، كما يعكس من خلاله المؤلف انتماءه لدوائر الحكم ونظرته الخاصة للتاريخ، مما يجعل هذا العمل ليس مجرد تأريخ للملوك، بل وثيقة تكشف طبيعة السلطة والخطاب التاريخى فى عصره”. ومن جانبه قال الدكتور أشرف أنس؛ أستاذ التاريخ الإسلامى كلية الآداب جامعة المنصورة، إن اللافت فى كتاب “النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة” للمؤرخ المملوكى ابن تغرى بردى الذى يعتبر أحد أبرز المصادر التاريخية التى تؤرّخ لتاريخ مصر من الفتح الإسلامى حتى أواخر القرن التاسع الهجرى، هو توثيقه التفصيلى وملاحظات المؤلف الشخصية التى تكشف عن نظرته الخاصة للأحداث والشخصيات.
النجوم الزاهرة: مرآة لوعى مؤرخ عاش فى قلب السلطة
وفى مختتم حديثه أشار “أنس” إلى أن هذا الكتاب كذلك يتميز بالتباين الظاهر بين الانتماء إلى السلطة والنقد الضمنى لها؛ فهو يجل السلاطين ويمدح إنجازاتهم، لكنه لا يتردد فى كشف الفتن والاضطرابات والانهيارات من داخل الدولة. وتابع: “ومن هنا، يُعد “النجوم الزاهرة” أكثر من سجل وقائع؛ فهو مرآة لوعى مؤرخ عاش فى قلب السلطة وكتب التاريخ من داخلها، مما يجعله مادة غنية للتحليل النقدى حول العلاقة بين المعرفة التاريخية والسلطة، وبين الرواية الرسمية والواقع المعاش”. وتحدثت الدكتورة سهر سيد دسوقى، الباحثة في التاريخ الإسلامي، موضحة أننا حين نتحدث عن “النجوم الزاهرة” فإننا لا نتحدث فقط عن مصدر تاريخى ضخم؛ بل عن ذاكرة مصرية خالصة، سجلت ما يقرب من خمسة قرون من التاريخ السياسى والاجتماعى والاقتصادى والدينى لمصر بداية من الفتح الإسلامى وحتى أواخر العصر المملوكى، ومع ذلك فان هذا النص لم ينل برغم ضخامته ما يستحقه من القراءة النقدية والتحليل البنيوى والمنهجى، وهنا تأتى أهمية هذ الكتاب الذى بين أيدينا اليوم؛ فقد قدم الدكتور مغاورى قراءة نقدية متزنة، كشفت عن منهج ابن تغرى بردى فى التاريخ وتكوينه الثقافى ومصادره وميوله بل وتحيزاته أيضًا، وهو ما يضعنا أمام رؤية متكاملة للنص والمؤلف والسياق.
النجوم الزاهرة: وثيقة حية تتنفس بأسئلتنا الراهنة
وتابعت أن هذا الكتاب تناول بعمق البنية الأسلوبية “للنجوم الزاهرة”، وتوقف عند لغته ومصطلحاته بل ودرس الطريقة التى عالج بها المؤلف الأحداث السياسية وشخصيات السلاطين، كما نجح فى رصد ملامح التداخل بين التاريخ والسيرة والخطاب السلطانى.
وفى ختام حديثها أكدت أن هذه النوع من الدراسات لا يعيد فقط إحياء النصوص القديمة؛ بل يعيد تشكيل وعينا بها، ويعلمنا كيف نقرأ التراث، باعتباره حركة فكرية قابلة للفهم ووالنقد، وقد استطاع المؤلف أن يعيد لنا النص، لا كأثر ماض، بل كوثيقة حية تتنفس بأسئلتنا الراهنة.