شريف صالح: جماعة الإخوان غير مكترثة بمعاناة الجائعين أو إنهاء النزاع في غزة

تعقيبا على خطاب الرئيس السيسي، حول القضية الفلسطينية، والدعم الذي تقدمه مصر ولازالت خاصة غزة، تحدث الكاتب القاص الدكتور شريف صالح في تصريحات خاصة لـ “الدستور”.
جذور المعضلة الفلسطينية
واستهل “صالح” حديثه قائلاً: “من الضروري فهم المعضلة الفلسطينية وجذورها جيدًا، فعوامل نشأتها تكمن في القصة التوراتية التي تتبناها الحركة الصهيونية الإنجيلية عن أرض الميعاد، وشريحة لا يُستهان بها ممن صوتوا لترامب هم من الإنجيليين”.وأضاف صالح: “العامل الثاني كان رغبة الإنجليز في مكافأة علماء ورجال مال يهود بعد الحرب العالمية الأولى، فكان وعد بلفور ممن لا يملك لمن لا يستحق. أما العامل الثالث فهو تخلص أوروبا من المسألة اليهودية المختلطة بمشاعر ذنب نتيجة الهولوكوست، ثم يأتي العامل الرابع الأخير وهو رغبة الاستعمار الإنجليزي أثناء انسحابه من المنطقة أن يستبقي له أكبر قاعدة عسكرية تضمن استمرار نفوذها ثم ورثت أميركا النفوذ البريطاني واعتبرت إسرائيل أكبر حاملة طائرات لها في المنطقة”.
صانع القرار في مصر على وعيّ تام بأنه لا يحارب إسرائيل وحدها
وتابع: “هذه العوامل لا يُستهان بها، وبالتالي كان صانع القرار في مصر على وعيّ تام بأنه لا يحارب إسرائيل وحدها، وإنما يحارب أميركا بأسلحتها الفتاكة، ويحارب الانحياز الأوروبي السافر، عشنا حروبًا متكررة على مدى ربع قرن، لإنهاك مصر عسكريًا واقتصاديًا وإضعاف مشروع التحديث الذي تبناه عبد الناصر وبما يضمن تفوق لإسرائيل في التسليح وامتلاك سلاح نووي”.واستكمل: “منذ عصر السادات وصولًا إلى الرئيس السيسي كان خيار الدولة المصرية تحرير سيناء المحتلة وبناء جيش قوي يردع كل من يفكر في الاعتداء علينا، وتبني خيار السلام والذي كان يوفر للفلسطينين مزايا لا يحلمون بربعها الآن، لكن هذا الخيار لم يعجب معظم الدول العربية فعلت أصوات حنجورية تهاجم مصر والسادات، ومع ذلك فإن ما يسمى محور المقاومة لم يحقق أي إنجازات تذكر، والدليل أن سوريا لم تحرر الجولان بل سقط نظامها السياسي واحتلت أجزاء أكبر منها”.وأوضح أنه في مطلع التسعينيات شرخ غزو صدام للكويت مفهوم الأمة العربية شروخًا عميقة، آنذاك سعى مبارك لعقد اتفاقية سلام للفلسطينين في عهد كلينتون وإن بمزايا أقل من معاهدة السادات، وكان هناك ضغط دولي لإعلان دولة فلسطينية لكن عرفات تراجع عما سعى إليه مبارك.
أليس من الأولى أن تكون الاحتجاجات أمام السفارات الأميركية والإسرائيلية؟
وقال “صالح”: “على الجانب الآخر تملصت إسرائيل بدورها من أي اتفاق ينتهي بقيام دولة فلسطينية وتهربت من مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز أو ما عرف بمبادرة السلام العربية، لنصل إلى السابع من أكتوبر وعملية كوماندوز ترتب عليها كل المآسي الحالية وبالتأكيد العملية لم تكن بالتنسيق مع الدولة المصرية، واستبقت بوادر ترتيبات إسرائيلية ـ خليجية كان من المحتمل أن تفضي إلى معاهدة سلام”.وأضاف: “مثلما لديهم متشددون يتغذون على الحروب والاغتيالات والتجويع والإبادة، في الجانب الفلسطيني من لا يرى حلًا سوى في المقاومة المسلحة، وبرغم أن مصر لم تستشر في عملية 7 أكتوبر لكنها بذلت جهودًا دبلوماسية هائلة لإيقاف آلة الحرب الجهنمية بالتوازي مع جهود إغاثية شاركت فيها مؤسسات شعبية ورسمية منها الأزهر الذي أصدر أكثر من بيان تنديد مع ذلك لم يسلم من التطاول عليه”.وأشار إلى أن القيادة السياسية رفضت بكل حسم كل الضغوط والإغراءات لقبول سيناريو التهجير الذي أعلن عنه ترامب آملًا أن يجعل غزة “ريفيرا” للأثرياء.
جماعة الإخوان لا تهمها مأساة غزة ولا يهمها الجوعى ولا إنهاء الحرب وإنما فقط إحراج الدولة المصرية
واستدرك صالح: “لكن جماعة الإخوان وهي المرجعية الأم لـ “حماس” لا تنظر بعين الرضا لما تحملناه من أعباء، فتطلق صبيانها للتنديد بمصر بحجة أنها تغلق المعبر وتمنع المساعدات، وتحرك السفن المشبوهة، وترسل من يضع أقفالًا على سفاراتنا ويتظاهر أمامها، أليس من الأولى أن تكون الاحتجاجات أمام السفارات الأميركية والإسرائيلية؟ أي منطق أعوج هذا؟ هل مصر هي التي تحارب وتجوع الأطفال أم إسرائيل؟ ومن يتحكم في فتح المعابر أليست دولة الاحتلال؟”.وأوضح أن مغالطات ساذجة لخداع بسطاء العقول، وإزاحة مغرضة ومنحطة بهدف الاسترزاق السياسي الشعبوي على حساب القضية نفسها، وخسة وعجز عن مواجهة الخصم الحقيقي والجلوس في الفنادق الفخمة ثم دعوة المصريين لفك الحصار برًا وبحرًا!، معلقًا: “للأسف حولت جماعة الإخوان مأساة غزة إلى مكسب سياسي رخيص ومبتذل وهي في حقيقة الأمر لا يهمها الجوعى ولا إنهاء الحرب وإنما فقط إحراج الدولة المصرية”.وتابع: “تثبت مواقفهم دائمًا ضيق أفقهم وانتهازيتهم متناسين أن الشعب المصري قد يختلف مع الحكومة في تفاصيل الحياة لكنه لا يختلف مع الدولة المصرية وجيشها وقيادتها ولا يقبل أي مساس بثوابته الوطنية ويدرك بحسه السليم أن جماعة الإخوان ليست فقط انتهازية وإنما هي خائنة لكل قيمنا الوطنية”.واختتم: “مهما تلاعبت بالألفاظ وفبركت الصور واقتطعت الحوادث من سياقها فإنها لن تخدع الشعب المصري بالعكس ستقوي التفافه حول مؤسسات الدولة ورموزها”.