السعيد: إدخال المساعدات إلى غزة يعد خطوة في إطار هدنة بشروط جديدة

قال الدكتور أسامة السعيد، رئيس تحرير جريدة الأخبار، إن دخول مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة يمثل جزءًا من هدنة جديدة بشروط مختلفة عن الفترات السابقة، وجاء نتيجة لضغوط مصرية ودولية متصاعدة أجبرت الاحتلال الإسرائيلي على التراجع جزئيًا عن سياسة التجويع الممنهج التي ينتهجها بحق المدنيين في القطاع.
وأكد، خلال مداخلة ببرنامج “ملف اليوم”، المذاع على قناة “القاهرة الإخبارية”، أن هذه الخطوة تشكل أهمية إنسانية قصوى في ظل الوضع الكارثي الذي يعيشه سكان غزة، مشددًا على أن المساعدات التي دخلت لم تكن لتحدث دون الحراك المصري المكثف والضغط السياسي والإعلامي المتواصل، إلى جانب التحركات الدولية المساندة، خاصة من قبل فرنسا وإسبانيا والأمم المتحدة.
وأوضح أن ما يحدث على الأرض هو نتيجة مباشرة لحملة تجويع شاملة مارسها الاحتلال منذ أشهر، ما أدى إلى تدهور بالغ في الأوضاع المعيشية والصحية، لدرجة أن هناك أسرًا كاملة لم تتناول الطعام لعدة أيام، وحالات إنسانية كثيرة تواجه خطر الموت.
وأشار السعيد إلى أن الجانب المصري لم يتوقف عن أداء دوره رغم سيطرة الاحتلال على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، بل واصل التنسيق السياسي والدبلوماسي والإعلامي مع أطراف متعددة، وهو ما أثمر عن اختراق جزئي تمثل في دخول عدد من الشاحنات، ولو بصورة محدودة.
وأضاف: “القاهرة أدارت معركة دبلوماسية حقيقية، وأعادت تعرية الادعاءات الإسرائيلية، التي كانت تزعم أن المعابر مفتوحة وأن لا أزمة إنسانية في غزة، بينما كانت المساعدات مكدسة على الجانب المصري، وإسرائيل ترفض مرورها بل وتلوّح بقصفها”.
ولفت الدكتور أسامة السعيد إلى أن مصر حرّكت الملف عبر عدة مسارات متوازية، شملت الوساطة لوقف إطلاق النار أو التوصل إلى هدنة، وكذلك فضح الانتهاكات الإسرائيلية إعلاميًا ودوليًا، بجانب تنسيق مباشر مع الأمم المتحدة، وتكثيف زيارات المسؤولين الدوليين لمعبر رفح، وعلى رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة، الذي شاهد بنفسه تكدس المساعدات ومنع دخولها.
وحذّر السعيد من الاعتقاد بأن دخول هذه الشاحنات يمثل نهاية الأزمة، مؤكدًا أن ما تحقق هو بداية الطريق فقط، وأن حجم الاحتياجات ما زال ضخمًا، ويستدعي استمرار الضغط العربي والدولي، وعلى رأسه الدور المصري الذي أثبت قدرته على إدارة هذا الملف المعقد بفاعلية ومصداقية.
وتابع: “نحن أمام معركة طويلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح، وما تحقق حتى الآن يُظهر أن الحراك الدبلوماسي والإعلامي المنظم يمكن أن يحدث فارقًا حقيقيًا، لكنه بحاجة إلى نفس طويل وإرادة جماعية صلبة”.