من تدخين السجائر إلى الإدمان: حادث كاد يودي بحياة الأبرياء” .. قصة تعافي “محمد

يعد “صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي” أحد أبرز الجهات المعنية بمجابهة ظاهرة الإدمان، حيث يوفر خدمات علاجية مجانية وسرية تامة للمرضى، إلى جانب برامج تأهيلية تهدف لإعادة دمجهم في المجتمع ومن خلال الخط الساخن 16023، يقدم الصندوق يد العون لمن قرروا التعافي وبدء حياة جديدة.
من بين هؤلاء، يروي محمد عبد الله تجربته الصعبة مع الإدمان، وكيف تغيرت حياته بالكامل بعدما لجأ للصندوق طالبًا العلاج.
“كل شيء بدأ بسيجارة”.. بهذه الكلمات استرجع محمد عبد الله، شاب يبلغ من العمر 33 عاما من محافظة المنيا، بدايات رحلته مع الإدمان التي امتدت لقرابة 18 عاما، بدأت في سن مبكرة لم يتجاوز فيها الخامسة عشرة من عمره. يقول محمد: “كنت طفل صغير، بدأت أدخن مع شلة من أصدقاء الشارع، مش زمايل المدرسة، وكل حاجة بعد كده حصلت بالتدريج، من غير ما أحس”.انجذب محمد إلى المخدرات مدفوعا برغبة في الشعور بالانتماء، ظنا منه أن هذا السلوك سيوفر له القبول وسط من كانوا يطلقون على أنفسهم “رجالة”. لم يكن يدرك حينها أنه يسير نحو طريق مظلم سيستنزف شبابه ويهدد حياته، ويتابع قائلًا: “مكنتش فاهم يعني إيه مخدرات، كنت بقلد بس، وكنت فاكر إني مسيطر، لكن الحقيقة إن الإدمان هو اللي كان مسيطر عليّ”.مرت السنوات سريعا، وتحول الأمر من تعاطي عابر إلى إدمان تام. “18 سنة من عمري ضاعوا، وأنا غرقان في عالم الإدمان لكن النهاردة، أنا بقالي 4 شهور متعافي، والـ 4 شهور دول حسيت فيهم إني إنسان جديد”.أخطر لحظات حياته جاءت أثناء عمله كسائق ميكروباص، حين تسبب في حادث كاد يودي بحياة 14 راكبًا كانوا معه: “كنت سايق وأنا تحت تأثير المخدر، مش مركز، والمادة كانت بتخلص من جسمي، شفت فتحة بين عربيتين وافتكرتها تكفي، دخلت بسرعة، ولولا ستر ربنا، كانت ممكن تبقى كارثة”.هذا الحادث غير كل شيء يقول محمد: “لأول مرة أحس إني قربت من الموت، والأسوأ إني كنت ممكن أكون السبب في موت ناس مالهمش أي ذنب”. بعد فترة من الصدمة، رأى إعلانا لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان على الطريق، عليه رقم الخط الساخن 16023 “كنت متردد، مش مصدق إن في علاج مجاني، لكن قلت أجرب، وفعلًا تواصلت معاهم”.دخل محمد أحد مراكز العلاج التابعة للصندوق، وهناك بدأ رحلة التعافي “اتعلمت أحب نفسي من تاني، وأفهم يعني إيه أحافظ على حياتي، المخدرات بتخدعك، تديك إحساس لحظي بالسعادة، لكنها بتسحبك للحفرة”.ويختم محمد قصته برسالة مؤثرة: “لو أنت بتتعاطى، متستناش، خد خطوة دلوقتي، قبل ما يحصل لك اللي حصل لي، قبل ما تؤذي نفسك أو تؤذي غيرك،العلاج موجود، مجاني وسري، من خلال صندوق مكافحة الإدمان، لكن القرار لازم يطلع منك أنت”.